للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَالْكَرَّامِيَّةِ، [وَغَيْرِهِمْ] (١) ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ - كَانَ هَذَا مُبْطِلًا لِحُجَّةِ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى قِدَمِ الْعَالَمِ.

فَإِنَّ أَصْلَ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْحَوَادِثَ لَا تَحْدُثُ إِلَّا بِسَبَبٍ حَادِثٍ، فَإِذَا جَوَّزُوا حُدُوثَهَا (٢) عَنِ الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، أَوْ جَوَّزُوا حُدُوثَهَا بِالْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ الْأَزَلِيَّةِ بَطَلَتْ عُمْدَتُهُمْ، وَهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ (٣) ذَلِكَ.

وَأَصْلُ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْعَالَمِ قَدِيمًا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ عَنْ مُؤَثِّرٍ تَامٍّ سَوَاءٌ سُمِّيَ عِلَّةً تَامَّةً، أَوْ مُوجِبًا بِالذَّاتِ، أَوْ قِيلَ: إِنَّهُ قَادِرٌ مُخْتَارٌ، وَاخْتِيَارُهُ أَزَلِيٌّ مُقَارِنٌ لِمُرَادِهِ فِي الْأَزَلِ (٤) ، وَيَمْتَنِعُ (٥) أَنْ يَكُونَ فِي الْأَزَلِ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَزَلِ قَادِرٌ مُخْتَارٌ يُقَارِنُهُ مُرَادُهُ سَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ عِلَّةً تَامَّةً، أَوْ لَمْ يُسَمَّ، وَسَوَاءٌ سُمِّيَ مُوجِبًا بِالذَّاتِ، [أَوْ لَمْ يُسَمَّ] (٦) ، بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ [الْمُعَيَّنَةِ] (٧) الْعَقْلِيَّةِ مُقَارِنًا لِفَاعِلِهِ الْأَزَلِيِّ فِي الزَّمَانِ، وَامْتِنَاعُ هَذَا مَعْلُومٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَزَلِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ، أَوْ مُوجِبٌ بِالذَّاتِ سَوَاءٌ (٨) سُمِّيَ قَادِرًا مُخْتَارًا، أَوْ لَمْ يُسَمَّ.


(١) وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) أ، ب: إِحْدَاثَهَا.
(٣) أ، ب: وَلَا يُجَوِّزُونَ.
(٤) فِي الْأَزَلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) .
(٥) ن، م: فَيَمْتَنِعُ.
(٦) أَوْ لَمْ يُسَمَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٧) الْمُعَيَّنَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٨) سَوَاءٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>