للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ قَالُوا (١) : إِنَّهَا تَصْدُرُ عَنِ الْقَادِرِ (٢) الْمُخْتَارِ، وَلَمْ يُثْبِتُوا لَهُ إِرَادَةً قَدِيمَةً، كَمَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ، أَوْ قَالُوا: إِنَّهَا تَصْدُرُ عَنِ الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ الْمُرِيدِ بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ أَزَلِيَّةٍ، كَمَا تَقُولُهُ الْكُلَّابِيَّةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ وَالْكَرَّامِيَّةُ.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَمْتَنِعُ قِدَمُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، (٣ فَإِنَّهُ مَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ ٣) (٣) إِلَّا. وَهُوَ مَقْرُونٌ بِالْحَوَادِثِ لَمْ يَسْبِقْهَا سَوَاءٌ جُعِلَ كُلُّ (٤) ذَلِكَ جِسْمًا، أَوْ قِيلَ: إِنَّ هُنَاكَ عُقُولًا وَنُفُوسًا لَيْسَتْ أَجْسَامًا، فَإِنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلْحَوَادِثِ، فَإِنَّهَا (* فَاعِلَةٌ (٥) مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا، فَإِذَا امْتَنَعَ وُجُودُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ *) (٦) عِلَّةٌ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُمْكِنَةً أَوْ وَاجِبَةً، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْإِرَادَةُ الْقَدِيمَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمُرَادِ مَعَهَا لَكِنْ يَجِبُ وُجُودُ الْمُرَادِ فِي الْوَقْتِ الْمُتَأَخِّرِ عَنِ الْإِرَادَةِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ يُمْكِنُ دَوَامُ الْحَوَادِثِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا ابْتِدَاءٌ.

فَيُقَالُ: عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الْعَالَمِ قَدِيمًا أَزَلِيًّا لَا الْأَفْلَاكُ وَلَا الْعُقُولُ وَلَا النُّفُوسُ وَلَا الْمَوَادُّ (٧) الْعُنْصُرِيَّةُ وَلَا الْجَوَاهِرُ الْمُفْرَدَةُ (٨) ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ قَدِيمًا مِنَ الْعَالَمِ أَزَلِيًّا، فَلَا بُدَّ أَنْ


(١) ن، م: قَالَ.
(٢) فِي (أ) الْفَاعِلِ. وَكُتِبَ فِي الْهَامِشِ: " وَالْأَصْلُ: الْقَادِرُ ".
(٣) (٣ - ٣) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) كُلُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) م: عِلَّةٌ.
(٦) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٧) ن: الْمُرَادُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٨) أ: الْمُنْفَرِدَةُ، ب: الْفَرْدَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>