للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْوَالِهِمْ بَلْ إِنَّمَا يَرِثُهُمْ ذَلِكَ أَوْلَادُهُمْ وَسَائِرُ وَرَثَتِهِمْ لَوْ وَرِثُوا؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَطْلُبُ (١) وَلَدًا لِيَرِثَ مَالَهُ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ يُورَثُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَنْتَقِلَ الْمَالُ إِلَى غَيْرِهِ: سَوَاءٌ كَانَ ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ، فَلَوْ كَانَ مَقْصُودُهُ بِالْوَلَدِ أَنْ يَرِثَ مَالَهُ، كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الْوَلَدِ (٢) .

وَهَذَا لَا يَقْصِدُهُ أَعْظَمُ النَّاسِ بُخْلًا وَشُحًّا عَلَى مَنْ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ الْمَالُ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا وَقَصَدَ إِعْطَاءَهُ دُونَ غَيْرِهِ، لَكَانَ الْمَقْصُودُ إِعْطَاءَ الْوَلَدِ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَجُوزَ (٣) الْمَالَ دُونَ غَيْرِهِ، كَانَ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَأْخُذَ أُولَئِكَ الْمَالَ، وَقُصِدَ الْوَلَدُ بِالْقَصْدِ الثَّانِي، وَهَذَا يُقَبَّحُ (٤) مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ عَقْلًا وَدِينًا.

وَأَيْضًا فَزَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُعْرَفْ (٥) لَهُ مَالٌ، بَلْ كَانَ نَجَّارًا. وَيَحْيَى ابْنُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [سُورَةِ مَرْيَمَ: ٥] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَأْخُذُوا (٦) مَالَهُ [مِنْ بَعْدِهِ] (٧) إِذَا مَاتَ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُخَوِّفٍ (٨) .


(١) أ، ب: وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَطْلُبُ. .
(٢) أ، ب: أَحَدٌ غَيْرُهُ؛ ن، م: أَحَدٌ عَنِ الْوَلَدِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) أ، ب: يُحْرِزُ.
(٤) أ: وَهُوَ قُبْحٌ؛ ب: قَبِيحٌ.
(٥) ن، م: لَمْ يُعْلَمْ.
(٦) أ، ب: أَنْ يَأْخُذَ.
(٧) مِنْ بَعْدِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٨) أ، ب: بِمُخَوِّفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>