للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيِّ الْهَاشِمِيِّ لِئَلَّا يَحْمِلَهُمْ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي يَكْرَهُونَهُ، كَانَ تَقْدِيمُ (١) مَنْ يُحَصِّلُ مَطَالِبَهُمْ مَعَ الرِّيَاسَةِ الْهَاشِمِيَّةِ - وَهُوَ الْعَبَّاسُ - أَوْلَى وَأَحْرَى مِنْ أَبِي بَكْرٍ، الَّذِي لَا يُعِينُهُمْ عَلَى مَطَالِبِهِمْ كَإِعَانَةِ الْعَبَّاسِ، وَيَحْمِلُهُمْ عَلَى الْحَقِّ الْمُرِّ أَكْثَرَ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ عَلِيٌّ، فَلَوْ كُرِهَ مِنْ عَلِيٍّ حَقٌّ مُرٌّ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ (٢) أَبِي بَكْرٍ أَكْرَهَ، وَلَوْ أُرِيدَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ دُنْيَا حُلْوَةٌ لَكَانَ طَلَبُهَا عِنْدَ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ أَقْرَبَ، فَعُدُولُهُمْ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ وَضَعُوا الْحَقَّ فِي نِصَابِهِ، [وَأَقَرُّوهُ فِي إِهَابِهِ] (٣) ، وَأَتَوُا الْأَمْرَ الْأَرْشَدَ مِنْ بَابِهِ (٤) ، وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَانَا يَرْضَيَانِ تَقْدِيمَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَهَذَا أَمْرٌ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ عِلْمًا ظَاهِرًا بَيِّنًا لِمَا رَأَوْهُ وَسَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةَ صُحْبَتِهِمْ لَهُ، فَعَلِمُوا مِنْ تَفْضِيلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ بِطُولِ الْمُشَاهَدَةِ وَالتَّجْرِبَةِ (٥) وَالسَّمَاعِ مَا أَوْجَبَ تَقْدِيمَهُ وَطَاعَتَهُ. وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " لَيْسَ فِيكُمْ (٦) مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ (٧) الْأَعْنَاقُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ " (٨) أَرَادَ أَنَّ فَضِيلَتَهُ عَلَى غَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ مَكْشُوفَةٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ وَنَظَرٍ.


(١) أ: تَقْدِيمُهُ ; ب: تَقْدِيمُهُمْ.
(٢) ن، وَ: فِي.
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (أ) .
(٤) و: وَأَتَوْا إِلَيْهِ مِنْ بَابِهِ.
(٥) وَالتَّجْرِبَةِ: فِي (ن) ، (و) فَقَطْ.
(٦) ن: فِينَا.
(٧) أ، ب: فِيهِ.
(٨) سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ ١/٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>