للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَانِعِ يَتِمُّ كَوْنُهُ مُرِيدًا قَادِرًا، وَتِلْكَ أُمُورٌ (١) وُجُودِيَّةٌ، وَهُوَ الْمُقْتَضِي لَهَا إِمَّا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَا مِنْهُ، فَلَمْ يَحْصُلْ مَوْجُودٌ إِلَّا مِنْهُ وَعَنْهُ.

وَأَمَّا هَؤُلَاءِ (٢) ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْفَاعِلَ الْأَوَّلَ [لَا] (٣) تَقُومُ بِهِ صِفَةٌ وَلَا فِعْلٌ، بَلْ هُوَ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ بَسِيطَةٌ، وَإِنَّ الْحَوَادِثَ الْمُخْتَلِفَةَ تَحْدُثُ عَنْهَا دَائِمًا بِلَا أَمْرٍ يَحْدُثُ مِنْهُ، وَهَذَا مُخَالَفَةٌ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ سَوَاءٌ سَمُّوهُ (٤) مُوجِبًا (٥) بِالذَّاتِ أَوْ فَاعِلًا بِالِاخْتِيَارِ، فَإِنَّ تَغَيُّرَ الْمَعْلُولَاتِ وَاخْتِلَافِهَا (٦) بِدُونِ تَغَيُّرِ الْعِلَّةِ، وَاخْتِلَافِهَا أَمْرٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ لِأُمُورٍ حَادِثَةٍ مُخْتَلِفَةٍ بِدُونِ مَا يَقُومُ بِهِ مِنَ الْإِرَادَةِ، بَلْ مِنَ الْإِرَادَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ (٧) مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ.

وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: مَبْدَأُ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا حَرَكَةُ الْفَلَكِ، وَلَيْسَ فَوْقَهُ أُمُورٌ حَادِثَةٌ تُوجِبُ حَرَكَتَهُ مَعَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْفَلَكِ تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِلَا أَسْبَابٍ حَادِثَةٍ تُحْدِثُهَا، وَحَرَكَاتُ الْأَفْلَاكِ (٨) هِيَ الْأَسْبَابُ لِجَمِيعِ الْحَوَادِثِ عِنْدَهُمْ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُحْدِثٌ كَانَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ مُحْدِثٌ، وَإِنْ كَانَ لِلْفَلَكِ عِنْدَهُمْ نَفْسٌ نَاطِقَةٌ (٩) ،


(١) أ، ب: الْأُمُورُ.
(٢) وَهُمْ أَصْحَابُ الِاعْتِرَاضِ.
(٣) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٤) أ، ب: سُمِّيَ.
(٥) ن (فَقَطْ) : وَاجِبًا.
(٦) ن، م: الْمَعْلُولَاتِ فِي اخْتِلَافِهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٧) ن، م: الْمَتْبُوعَةِ.
(٨) ن، م: الْفَلَكُ.
(٩) ب: وَإِنْ كَانَ الْفَلَكُ عِنْدَهُمْ نَفْسًا نَاطِقَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>