للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَأَوِّلِينَ لَهُمْ، كَانَ هَذَا مِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَلَفَ تَبَعٌ لِأُولَئِكَ السَّلَفِ، وَأَنَّ الصِّدِّيقَ وَأَتْبَاعَهُ يُقَاتِلُونَ الْمُرْتَدِّينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ.

وَقَوْلُهُ: " إِنَّهُمْ سَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ مُرْتَدِّينَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ".

فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وَأَبْيَنِهِ ; فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَاتَلَ بَنِي حَنِيفَةَ لِكَوْنِهِمْ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَاعْتَقَدُوا نُبُوَّتَهُ. وَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ فَكَانُوا قَوْمًا آخَرِينَ غَيْرَ بَنِي حَنِيفَةَ. وَهَؤُلَاءِ كَانَ قَدْ وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ شُبْهَةٌ فِي جَوَازِ قِتَالِهِمْ. وَأَمَّا بَنُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ أَحَدٌ فِي وُجُوبِ قِتَالِهِمْ (١) . وَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ «فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا (٢) عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ". فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَلَمْ يَقُلْ: " إِلَّا بِحَقِّهَا " فَإِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا. وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي [عَنَاقًا أَوْ] (٣) عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ» " (٤) .


(١) هـ: فِي قِتَالِهِمْ ; ص: فِي جَوَازِ قِتَالِهِمْ.
(٢) ص: قَالُوا هَذَا.
(٣) عَنَاقًا أَوْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٤) ص: عَلَى مَنْعِهِ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٩/٩٣ ٩٤ (كِتَابُ الِاعْتِصَامِ، بَابُ الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ; مُسْلِمٍ ١/٥١ ٥٢ (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الْأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. . . .) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٥/١٠ ١١ (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَانِعِ الزَّكَاةِ) ; الْمُوَطَّأِ ١/٢٦٩ (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَالتَّشْدِيدِ فِيهَا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>