للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأَئِمَّةِ؛ بَلْ يَشْرَكُهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ. ثُمَّ إِنَّ مَضْمُونَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهُمْ بِأَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمْ (١) الرِّجْسَ وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا. وَغَايَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَعَا لَهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ؛ وَاجْتِنَابُ الرِّجْسِ وَاجِبٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَالطَّهَارَةُ مَأْمُورٌ بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦] . وَقَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ١٠٣] .

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ١٢٢] .

فَغَايَةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ هَذَا دُعَاءً لَهُمْ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ.

وَالصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ: {الْأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى - إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [سُورَةُ اللَّيْلِ ١٧ - ٢١] .

وَأَيْضًا فَإِنَّ السَّابِقِينَ (٢) الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ١٠٠] لَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا قَدْ فَعَلُوا الْمَأْمُورَ وَتَرَكُوا الْمَحْظُورَ، فَإِنَّ هَذَا الرِّضْوَانَ وَهَذَا


(١) و، ر، ح، ي: بِأَنْ يُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
(٢) ر، ن، م، و، ق: وَأَيْضًا فَالسَّابِقُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>