للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَمْرَ تُوجَدُ بِالْفِعْلِ (١) بَعْدَ أَنْ تُغْلَى وَتُسْكِرُ، وَقَدْ تَكُونُ مَوْجُودَةً بِالْقُوَّةِ فِي وَقْتٍ آخَرَ إِذْ (٢) كَانَتِ الرُّطُوبَةُ الَّتِي فِيهَا تَتَوَلَّدُ إِنَّمَا هِيَ فِي نَفْسِ الْكَرْمِ وَاللَّحْمِ. وَرُبَّمَا كَانَ بِالْفِعْلِ، وَرُبَّمَا كَانَ بِالْقُوَّةِ فِي الْعَنَاصِرِ الَّتِي عَنْهَا تَتَوَلَّدُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْقُوَّةِ، أَوْ بِالْفِعْلِ، فَلَيْسَ نَعْنِي شَيْئًا غَيْرَ الصُّورَةِ وَالْعُنْصُرِ، وَنَعْنِي بِالصُّورَةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَنْفَرِدَ (٣) مِنَ الْمُرَكَّبِ مِنَ الصُّورَةِ وَالْعُنْصُرِ، فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَمِثْلُ الضَّوْءِ وَالظُّلْمَةِ إِذْ كَانَ يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ تَنْفَرِدَ عَنِ الْهَوَاءِ، وَالْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَمِثْلُ الْبَدَنِ الصَّحِيحِ، [وَالْبَدَنِ] السَّقِيمِ (٤) ، وَأَعْنِي بِالْعُنْصُرِ الشَّيْءَ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَحْتَمِلَ الْحَالَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا مِثْلَ الْبَدَنِ، فَرُبَّمَا كَانَ صَحِيحًا، وَرُبَّمَا كَانَ سَقِيمًا.

فَهَذَا الشَّيْءُ الَّذِي بِالْفِعْلِ، وَالَّذِي بِالْقُوَّةِ قَدْ يَخْتَلِفُ لَا فِي الْعَنَاصِرِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْهُمَا أَعْنِي مِنَ الصُّورَةِ وَالْعُنْصُرِ (٥) لَكِنْ فِي الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْمُرَكَّبَةِ أَيْضًا الَّتِي لَمْ يَكُنْ عُنْصُرُهَا عُنْصُرَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ عَنْهَا وَلَا صُورَتُهَا صُورَتَهَا لَكِنْ غَيْرَهَا.

فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ قَائِمًا فِي وَهْمِكَ إِذَا قَصَدْتَ الْبَحْثَ عَنِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَعْضَ الْعِلَلِ الْمُحَرِّكَةِ مُوَافِقَةٌ فِي الصُّورَةِ لِلشَّيْءِ الْمُتَحَرِّكِ (٦) قَرِيبَةٌ مِنْهُ، وَبَعْضَهَا أَبْعَدُ مِنْهُ أَمَّا الْعِلَّةُ الْقَرِيبَةُ (٧) ، فَمِثْلُ الْأَبِ،


(١) ن، م: بِالْعَقْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ن، م: إِذَا.
(٣) ب: تَقَرَّرَ.
(٤) ن، م: الْبَدَنِ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ.
(٥) ن، م، أ: مِنْهَا أَعْنِي فِي الصُّورَةِ وَالْعُنْصُرِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(٦) م، أ، ب: الْمُحَرِّكِ.
(٧) الْقَرِيبَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>