للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ هَذَا اقْرَأْ مَا أَنْزَلَهُ (١) إِلَيْكَ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَ ذَلِكَ فِي قَلْبِكَ، وَأَنْ تَقْرَأَهُ بِلِسَانِكَ، ثُمَّ أَنْ تُبَيِّنَهُ (٢) لِلنَّاسِ بَعْدَ ذَهَابِ جِبْرِيلَ عَنْكَ.

وَقَوْلُهُ: " وَالَّذِي يُشَارُ إِلَيْهِ عَلَى أَلْسُنِ الْمُشِيرِينَ أَنَّهُ إِسْقَاطُ الْحَدَثِ (٣) ، وَإِثْبَاتُ الْقِدَمِ ".

فَيُقَالُ: مُرَادُهُمْ بِهَذَا نَفْيُ الْمُحْدَثِ (٤) ، أَيْ: لَيْسَ هُنَا إِلَّا الْقَدِيمُ، وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ الْمُحْدَثِ (٥) بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْقَدِيمُ، فَهَذَا شَرٌّ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى، إِلَّا أَنَّهُ قَرِيبٌ إِلَى قَوْلِ الْيَعْقُوبِيَّةِ مِنَ النَّصَارَى ; فَإِنَّ الْيَعْقُوبِيَّةَ يَقُولُونَ: إِنِ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ امْتَزَجَا وَاخْتَلَطَا فَصَارَا جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَأُقْنُومًا وَاحِدًا، وَطَبِيعَةً وَاحِدَةً، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْيَدَيْنِ اللَّتَيْنِ سَمَّرَتَا (٦) هُمَا الْيَدَانِ اللَّتَانِ خُلِقَ بِهِمَا آدَمُ.

وَأَمَّا النُّسْطُورِيَّةُ فَيَقُولُونَ بِحُلُولِ اللَّاهُوتِ فِي النَّاسُوتِ، وَالْمَلَكَانِيَّةُ (٧) يَقُولُونَ: شَخْصٌ وَاحِدٌ، لَهُ أُقْنُومٌ وَاحِدٌ، بِطَبِيعَتَيْنِ وَمَشِيئَتَيْنِ (٨) . وَيُشَبِّهُونَهُ بِالْحَدِيدَةِ وَالنَّارِ، وَالنُّسْطُورِيَّةُ يُشَبِّهُونَهُ بِالْمَاءِ فِي الظُّرُوفِ، وَالْيَعْقُوبِيَّةُ يُشَبِّهُونَهُ بِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ، وَالْمَاءِ وَالْخَمْرِ (٩) .


(١) ب (فَقَطْ) : مَا أُنْزِلَ.
(٢) و: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ.
(٣) ب، م: الْحُدُوثُ.
(٤) و: الْحَدَثِ.
(٥) ح: فَإِنْ أُرِيدَ نَفْيٌ لِلْحَدَثِ.
(٦) ن: شَمَّرْنَا
(٧) ح: وَالْمَلَكِيَّةُ.
(٨) و: وَنِسْبَتَيْنِ.
(٩) ب فَقَطْ: وَالْحُمْرِ، وَانْظُرْ أَقْوَالَ الْيَعْقُوبِيَّةِ وَالنُّسْطُورِيَّةِ وَالْمَلَكَانِيَّةِ مِنَ النَّصَارَى فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ لِلشَّهْرَسْتَانِيِّ ١/٢٠٣ - ٢٠٨ الْفِصَلِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ١/١١٠ - ١٣٢ وَانْظُرْ كِتَابَ " الْجَوَابِ الصَّحِيحِ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ " لِابْنِ تَيْمِيَّةَ ط. الْمَدَنِيِّ الْقَاهِرَةِ ١٣٧٩/١٩٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>