للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الثَّلَاثَةِ، وَأَنَّ شِيعَتَهُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ بَايَعُوا الثَّلَاثَةَ، فَضْلًا عَنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ.

وَالْمَعْلُومُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ أَنَّ الْأَمْرَ انْتَظَمَ لِلثَّلَاثَةِ وَلِمُعَاوِيَةَ مَا لَمْ يَنْتَظِمْ لِعَلِيٍّ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْإِمَامُ الْكَامِلُ وَالرَّعِيَّةُ الْكَامِلَةُ - عَلَى رَأْيِهِمْ - أَعْظَمَ اضْطِرَابًا وَأَقَلَّ انْتِظَامًا مِنَ الْإِمَامِ النَّاقِصِ وَالرَّعِيَّةِ النَّاقِصَةِ؟ بَلْ مِنَ الْكَافِرَةِ وَالْفَاسِقَةِ عَلَى رَأْيِهِمْ؟

وَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ عَلِيٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ، إِلَّا مَا هُوَ دُونَ مَا فِي رَعِيَّةِ الثَّلَاثَةِ. فَلَمْ يَكُونُوا أَصْلَحَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدِّينِ.

وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ لِلشِّيعَةِ إِمَامٌ ذُو سُلْطَانٍ مَعْصُومٌ بِزَعْمِهِمْ أَعْظَمَ مِنْ عَلِيٍّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِيمُوا مَعَهُ كَانُوا أَنْ لَا يَسْتَقِيمُوا مَعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ شَرٌّ وَأَنْقَصُ (١) مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَهُمْ يَقُولُونَ: الْمَعْصُومُ إِنَّمَا وَجَبَتْ عِصْمَتُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ اللُّطْفِ بِالْمُكَلَّفِينَ وَالْمَصْلَحَةِ لَهُمْ. فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ مَصْلَحَةَ غَيْرِ الشِّيعَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ خَيْرٌ مِنْ مَصْلَحَةِ الشِّيعَةِ، وَاللُّطْفَ لَهُمْ أَعْظَمُ مِنَ اللُّطْفِ لِلشِّيعَةِ، عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ (٢) مِنْ إِثْبَاتِ الْعِصْمَةِ بَاطِلٌ.

وَتَبَيَّنَ حِينَئِذٍ حَاجَةُ الْأَئِمَّةِ إِلَى الْأُمَّةِ، وَأَنَّ الصِّدِّيقَ هُوَ الَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَأَقَامَ الْعَدْلَ أَكْثَرَ (٣) مِنْ غَيْرِهِ.


(١) ح، ر، ب، ي: أَنَّهُمْ أَنْقَصُ.
(٢) ح: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ.
(٣) ح، ر، ي: أَعْظَمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>