للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا الْجَدَّةُ نَظِيرُ الْجَدِّ، وَالْأُمُّ تَأْخُذُ مَعَ الْأَبِ الثُّلُثَ، وَالْجَدَّةُ لَا تَأْخُذُ مَعَ الْجَدِّ إِلَّا السُّدُسَ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوَّى بِهِ الْجَدُّ ; وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ مَعَ الْجَدِّ الْأَدْنَى كَالْأَعْمَامِ مَعَ الْجَدِّ الْأَعْلَى.

وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ الْأَعْلَى يُقَدَّمُ عَلَى الْأَعْمَامِ، فَكَذَلِكَ الْجَدُّ الْأَدْنَى يُقَدَّمُ عَلَى الْإِخْوَةِ ; لِأَنَّ نِسْبَةَ الْإِخْوَةِ إِلَى الْجَدِّ الْأَدْنَى كَنِسْبَةِ الْأَعْمَامِ إِلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى ; وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَوْ كَانُوا لِكَوْنِهِمْ بَنِي الْأَبِ (١) . يُشَارِكُونَ الْجَدَّ، لَكَانَ بَنُو الْإِخْوَةِ كَذَلِكَ، كَمَا يَقُومُ بَنُو الْبَنِينَ مَقَامَ آبَائِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ بَنُو الْإِخْوَةِ لَا يُشَارِكُونَ الْجَدَّ، كَانَ آبَاؤُهُمُ الْإِخْوَةُ كَذَلِكَ، وَعَكْسُهُ الْبَنُونَ: لَمَّا كَانَ الْجَدُّ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْبَنِينَ، فُرِضَ لَهُ مَعَ بَنِي الْبَنِينَ (٢) . .

وَأَمَّا الْحُجَّةُ الَّتِي تُورَى عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ فِي أَنَّ الْإِخْوَةَ يُشَارِكُونَ الْجَدَّ، حَيْثُ شَبَّهُوا ذَلِكَ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ خَرَجَ مِنْهَا فَرْعٌ، خَرَجَ مِنْهُ غُصْنَانِ، فَأَحَدُ الْغُصْنَيْنِ أَقْرَبُ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُ إِلَى الْأَصْلِ، وَبِنَهْرٍ خَرَجَ مِنْهُ نَهْرٌ آخَرُ، وَمِنْهُ جَدْوَلَانِ، فَأَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ أَقْرَبُ (٣) . مِنَ الْجَدْوَلِ إِلَى النَّهْرِ الْأَوَّلِ.

فَمَضْمُونُ هَذِهِ الْحُجَّةِ: أَنَّ الْإِخْوَةَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْجَدِّ.

وَمَنْ تَدَبَّرَ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ عَلِمَ أَنَّ حُجَّةَ أَبِي بَكْرٍ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ لَا تُعَارِضُهَا هَذِهِ الْحُجَّةُ ; فَإِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً لَكَانَ بَنُو الْأَخِ أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ، وَلَكَانَ الْعَمُّ أَوْلَى مِنْ جَدِّ الْأَبِ، فَإِنَّ نِسْبَةَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ إِلَى


(١) ن، م: لِكَوْنِهِمْ مِنَ الْأَبِ
(٢) ح: مَعَ ابْنِ الْبَنِينَ
(٣) ر: فَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>