للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتْلِهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِيمَنْ دَخَلَ، وَهُوَ لَا يَأْمُرُ بِقِتَالِهِمْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَبْتَدِئُ بِقَتْلِ مَعْصُومِ الدَّمِ؟ (١)

وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِقَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يُطْعَنْ عَلَى عُثْمَانَ. بَلْ عُثْمَانُ إِنْ كَانَ أَمَرَ بِقَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِمَّنْ طَلَبَ قَتْلَ مَرْوَانَ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ إِمَامُ هُدًى، وَخَلِيفَةٌ رَاشِدٌ، يَجِبُ عَلَيْهِ سِيَاسَةُ رَعِيَّتِهِ، وَقَتْلُ مَنْ لَا يُدْفَعُ شَرُّهُ إِلَّا بِالْقَتْلِ (٢) . وَأَمَّا الَّذِينَ طَلَبُوا قَتْلَ مَرْوَانَ فَقَوْمٌ خَوَارِجُ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ قَتْلُ أَحَدٍ، وَلَا إِقَامَةُ حَدٍّ. وَغَايَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا ظُلِمُوا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، وَلَيْسَ لِكُلِّ مَظْلُومٍ أَنْ يَقْتُلَ بِيَدِهِ كُلَّ مَنْ ظَلَمَهُ، بَلْ وَلَا يُقِيمَ الْحَدَّ.

وَلَيْسَ مَرْوَانُ أَوْلَى بِالْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا هُوَ أَشْهَرَ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْهُ. بَلْ أَخْرَجَ أَهْلُ الصِّحَاحِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ عَنْ مَرْوَانَ، وَلَهُ قَوْلٌ مَعَ أَهْلِ الْفُتْيَا (٣) ، وَاخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ (٤) .


(١) انْظُرْ: الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ، وَالتَّعْلِيقَاتِ ص ٣٧٦ - ٣٧٧
(٢) ح، ب: إِلَّا بِقَتْلِهِ.
(٣) أَوْرَدَ عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ فِي كِتَابِهِ " ذَخَائِرُ الْمَوَارِيثِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحَدِيثِ " ٣/٩٥ - ٩٦، ط. جَمْعِيَّةِ النَّشْرِ وَالتَّأْلِيفِ الْأَزْهَرِيَّةِ، الْقَاهِرَةُ، ١٣٥٣ ١٩٣٤ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى مِنْهَا ٦٢٠٠ - ٦٢٠٢ فِي الْبُخَارِيِّ وَجَاءَتْ بَاقِي الْأَحَادِيثِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْمُوَطَّأِ.
(٤) ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ ٣/٤٥٥ - ٤٥٦ وَقَالَ: يُقَالُ: وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ وَقِيلَ: بِأَرْبَعٍ، وَقَالَ ابْنُ شَاهِينَ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَيَكُونُ مَوْلِدُهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ: وُلِدَ عَامَ أُحُدٍ، يَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: وَقَدْ كَانَ فِي الْفَتْحِ مُمَيِّزًا وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَكِنْ لَا يُدْرَى أَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَمْ لَا. ثُمَّ قَالَ: فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَزْيَدُ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>