للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَا جَرَى مِنْ عُثْمَانَ فِي تَأْدِيبِ ابْنِ مَسْعُودٍ [وَعَمَّارٍ] (١) مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَإِذَا كَانَ الْمُقْتَتِلُونَ قَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمْ مُجْتَهِدًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ فَالْمُخْتَصِمُونَ أَوْلَى بِذَلِكَ (٢) .

وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: كَانَ مُجْتَهِدًا، وَكَانُوا مُجْتَهِدِينَ. فَمِثْلُ هَذَا (٣) يَقَعُ كَثِيرًا: يَفْعَلُ الرَّجُلُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، وَيَرَى وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنَّ مَصْلَحَةَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِعُقُوبَتِهِ، كَمَا أَنَّهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِعُقُوبَةِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ تَابَ بَعْدَ رَفْعِهِ (٤) إِلَى الْإِمَامِ.

فَالزَّانِي وَالسَّارِقُ وَالشَّارِبُ إِذَا تَابُوا بَعْدَ الرَّفْعِ إِلَى الْإِمَامِ وَثُبُوتِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنْهُمْ (٥) بِالتَّوْبَةِ، بَلْ يُعَاقَبُونَ مَعَ كَوْنِهِمْ بِالتَّوْبَةِ مُسْتَحِقِّينَ لِلْجَنَّةِ (٦) ، وَيَكُونُ الْحَدُّ مِمَّا يُثَابُونَ عَلَيْهِ، وَيُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ، وَيُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّكْفِيرِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ مَنِ اعْتَقَدَهُ مُسْتَحِقًّا لِقَتْلِهِ قِصَاصًا، أَوْ أَخَذَ مَالًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَهُ فِي الْبَاطِنِ، ثُمَّ ادَّعَى أَهْلُ الْمَقْتُولِ، وَأَهْلُ الْمَالِ بِحَقِّهِمْ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ، حُكِمَ لَهُمْ بِهِ، وَعَاقَبَ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَحْكُومِ بِهِ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فِيمَا فَعَلَهُ، بَلْ بَرِيئًا فِي الْبَاطِنِ.


(١) وَعَمَّارٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) ن، م: فَهَؤُلَاءِ أَوْلَى بِذَلِكَ.
(٣) ح، ر: وَهَذَا.
(٤) م: بَعْدَ الرَّفْعِ.
(٥) ن: عَنْهُمُ الْحَدُّ.
(٦) ح، ب: الْجَنَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>