للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ هَذَا مِمَّا يَقَعُ مَعْصِيَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَمَا يَفْعَلُهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ مِنْ إِقَامَةِ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ يَكُونُ تَكْفِيرُ الْخَطَايَا بِهِ أَوْلَى.

وَكَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ إِذَا شَرِبَ أَحَدُهُمُ الْخَمْرَ جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَى الْأَمِيرِ وَقَالَ: " طَهِّرْنِي ".

وَقَدْ جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ وَالْغَامِدِيَّةُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلَبَا مِنْهُ التَّطْهِيرَ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَكَوْنُ الرَّجُلِ وَلِيًّا لِلَّهِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، مِنْ تَأْدِيبِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الَّذِي أَمَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَإِذَا قِيلَ: هُمْ مُجْتَهِدُونَ مَعْذُورُونَ فِيمَا أَدَّبَهُمْ عَلَيْهِ عُثْمَانُ، فَعُثْمَانُ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ: كَانَ مُجْتَهِدًا مَعْذُورًا فِيمَا أَدَّبَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِمَامٌ مَأْمُورٌ بِتَقْوِيمِ رَعِيَّتِهِ. وَكَانَ عُثْمَانُ أَبْعَدَ عَنِ الْهَوَى، وَأَوْلَى بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ فِيمَا أَدَّبَهُمْ عَلَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.

وَلَوْ قَدَحَ رَجُلٌ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَنَّهُ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ [وَقَاتَلَ] طَلْحَةَ (١) وَالزُّبَيْرَ.

لَقِيلَ لَهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَفْضَلُ وَأَوْلَى بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ مِنَ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ هُمُ الْعَادِلِينَ (٢) وَهُوَ ظَالِمٌ لَهُمْ.

كَذَلِكَ عُثْمَانُ فِيمَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا هُوَ أَوْلَى بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ مِنْهُمْ. وَإِذَا وَجَبَ الذَّبُّ عَنْ عَلِيٍّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَالذَّبُّ عَنْ عُثْمَانَ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْلَى.


(١) ن، م: وَطَلْحَةَ.
(٢) ح: هُمُ الْعَادِلُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>