للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ كَانَ [عَلِيٌّ] (١) قَادِرًا عَلَى مَنْعِهِ مِمَّا فَعَلَهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِمَّا هُوَ عِنْدَهُ مُنْكَرٌ مَعَ قُدْرَتِهِ، كَانَ هَذَا قَدْحًا فِي عَلِيٍّ. فَإِذَا كَانَ عُثْمَانُ أَطَاعَ عَلِيًّا فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، دَلَّ ذَلِكَ (٢) عَلَى دِينِ عُثْمَانَ وَعَدْلِهِ.

وَعُثْمَانُ وَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ هَذَا عَلَى الْكُوفَةِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ. فَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَعَلِيٌّ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ، وَجَبَ عَلَى عَلِيٍّ مَنْعُهُ، فَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَ عَلِيٍّ، أَوْ عَلَى عَجْزِ عَلِيٍّ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ مَنْعِهِ عَنِ (٣) الْإِمَارَةِ، فَكَيْفَ لَا يَعْجِزُ عَنْ ضَرْبِهِ الْحَدَّ؟ فَعُلِمَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عَاجِزًا عَنْ حَدِّ الْوَلِيدِ، لَوْلَا أَنَّ عُثْمَانَ أَرَادَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَرَادَهُ عُثْمَانُ دَلَّ عَلَى دِينِهِ.

وَقَائِلُ هَذَا يَدَّعِي أَنَّ الْحُدُودَ مَا زَالَتْ تُبْطَلُ وَعَلِيٌّ حَاضِرٌ، حَتَّى فِي وِلَايَتِهِ يَدَّعُونَ (٤) أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ الْحُدُودَ خَوْفًا وَتَقِيَّةً. فَإِنْ (٥) كَانَ قَالَ هَذَا وَلَمْ يَقُلْهُ إِلَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ عُثْمَانَ وَحَاشِيَتَهُ يُوَافِقُونَهُ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ يَتَّقِي مِنْهُمْ لَمَا قَالَ هَذَا. وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَقْدَرَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ قَائِلَ هَذَا يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَاجِزًا لَا يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ (٦) .


(١) عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٢) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ب) .
(٣) ن، م: مِنَ.
(٤) ن، م: وَيَدَّعُونَ.
(٥) ن: فَإِذَا، م: وَإِنْ.
(٦) وَانْظُرِ: الْعَوَاصِمَ مِنَ الْقَوَاصِمِ وَالتَّعْلِيقَاتِ ص ٩٣ - ٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>