للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِمَا أَفْتَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَهَذَا ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَمَنْ عَرَفَ حَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ كِتَابَةَ الْكِتَابِ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، وَلَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى إِرَادَةِ الْكِتَابِ مَا قَدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهُ.

وَمِثْلُ هَذَا النِّزَاعِ قَدْ كَانَ يَقَعُ فِي صِحَّتِهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَالَّذِي وَقَعَ بَيْنَ أَهْلِ قُبَاءَ وَغَيْرِهِمْ كَانَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا بِكَثِيرٍ، حَتَّى أُنْزِلَ فِيهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: ٩] ، لَكِنْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ (١) .

وَمِنْ جَهْلِ الرَّافِضَةِ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ كَانَ كِتَابُهُ بِخِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَهَذَا لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. وَلَا [فِي]


(١) جَاءَ هَذَا فِي حَدِيثٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٣/١٨٣ (كِتَابِ الصُّلْحِ، الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ: أَنَّ أَنَسًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهِيَ أَرْضُ سَبْخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتَنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي مُسْلِمٍ ٣/١٤٢٤ (كِتَابِ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَبْرِهِ عَلَى أَذَى الْمُنَافِقِينَ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٣/١٥٧ - ٢١٩ وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ ٧/٣٥٣ - ٣٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>