للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتَتِلُ (١) النَّاسُ عَلَى الْإِمَامَةِ، الَّتِي هِيَ وِلَايَةُ شَخْصٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. فَقَوْمٌ يُقَاتِلُونَ مَعَهُ، وَقَوْمٌ يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ.

فَهَذَا لَيْسَ مِنْ مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ فِي شَيْءٍ ; فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّاسَ الَّذِينَ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ، إِذَا اقْتَتَلُوا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِهَؤُلَاءِ مَنْ يُقَدِّمُونَهُ فَيَجْعَلُونَهُ مُتَوَلِّيًا، وَلِهَؤُلَاءِ مَنْ يُقَدِّمُونَهُ فَيَجْعَلُونَهُ مُتَوَلِّيًا، فَيُقَاتِلُ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى إِمَارَةِ مَنْ جَعَلُوهُ هُمْ إِمَامَهُمْ.

لَكِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُقَاتِلُونَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الدِّينِيَّةِ، مِنْ كَوْنِ الْإِمَامَةِ ثَبَتَتْ (٢) بِالنَّصِّ لِعَلِيٍّ (٣) ، وَلَا أَنَّ خِلَافَةَ الثَّلَاثَةِ بَاطِلَةٌ. بَلْ عَامَّةُ هَؤُلَاءِ مُعْتَرِفُونَ بِإِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ.

ثُمَّ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَقْتَتِلُوا عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ (٤) وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالنِّزَاعِ بَيْنَهُمْ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ خِلَافَتَهُمْ كَانَتْ بِلَا سَيْفٍ مَسْلُولٍ أَصْلًا، وَإِنَّمَا كَانَ السَّيْفُ مَسْلُولًا فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ. فَإِنْ كَانَ هَذَا قَدْحًا، فَالْقَدْحُ يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ السَّيْفُ فِي زَمَانِهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ.

وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِلْخَوَارِجِ، وَحُجَّتُهُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَّةِ الشِّيعَةِ، كَمَا أَنَّ سُيُوفَهُمْ أَقْوَى مِنْ سُيُوفِ الشِّيعَةِ، وَدِينُهُمْ أَصَحُّ، وَهُمْ صَادِقُونَ لَا يَكْذِبُونَ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


(١) ن: يَقْبَلُ، م: يَقْتُلُ، غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ.
(٢) ن: تَثْبُتُ.
(٣) لِعَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٤) ن، م: لَا عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>