للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَوْ عَلَّقَ حُكْمًا بِأَجْهَلِ النَّاسِ لَتَنَاوَلَ الرَّافِضَةَ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ: إِنِّي أَبْغَضُ أَجْهَلَ النَّاسِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا لَوْ وَصَّى لَأَجْهَلِ النَّاسِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا قُرْبَةً فَإِذَا وَصَّى لِقَوْمٍ يَدْخُلُ فِيهِمُ الْكَافِرُ جَازَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ وَالْجَهْلَ جِهَةً وَشَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ.

ثُمَّ الرَّافِضِيُّ يَدَّعِي فِي شَيْءٍ أَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْفَضَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ ; فَإِنَّ فَضَائِلَ عَلِيٍّ الثَّابِتَةَ (١) عَامَّتُهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنَّ عَامَّتَهَا خَصَائِصُ لَمْ يُشَارَكَا فِيهَا. ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ تُوجِبُ الْإِمَامَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْجُزْئِيَّةَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْفَضِيلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا لِلْإِمَامَةِ، وَلَا مُخْتَصَّةً بِالْإِمَامِ (٢) ، بَلْ تَثْبُتُ لِلْإِمَامِ وَلِغَيْرِهِ، وَلِلْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ وَلِغَيْرِهِ.

فَبَنَى (٣) هَذَا الرَّافِضِيُّ أَمْرَهُ عَلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الثَّلَاثِ، وَالثَّلَاثُ بَاطِلَةٌ (٤) . ثُمَّ يُرْدِفُهَا بِالْمُقَدِّمَةِ الرَّابِعَةِ، وَتِلْكَ فِيهَا نِزَاعٌ، لَكِنْ نَحْنُ لَا نُنَازِعُهُ فِيهَا، بَلْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، لَكِنَّ الرَّافِضِيَّ لَا حُجَّةَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ (٥) .


(١) ن، س، ب: بِالْإِمَامَةِ.
(٢) س، ب: وَغَيْرِهِ.
(٣) ب: فَيَبْنِي.
(٤) س: الثَّلَاثُ بَاطِلَةٌ، ب: الثَّلَاثُ وَهِيَ بَاطِلَةٌ.
(٥) س، ب: عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>