للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ يَتَامَى الْمُجَاهِدِينَ الشُّهَدَاءِ مَنْ لَا يَكْفِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذِبٌ عَلَيْهِ وَقَدْحٌ فِيهِ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ قَطُّ أَسِيرٌ يَسْأَلُ النَّاسَ، بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُومُونَ بِالْأَسِيرِ الَّذِي يَسْتَأْسِرُونَهُ. فَدَعْوَى الْمُدِّعِي أَنَّ أَسْرَاهُمْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْحٌ فِيهِمْ. وَالْأُسَرَاءُ الْكَثِيرُونَ [إِنَّمَا] (١) كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ، قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَسْرَى فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ.

الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ صَحِيحَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَضَائِلِ، لَمْ تَسْتَلْزِمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَفْضَلَ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ دُونَ غَيْرِهِ. فَقَدْ كَانَ جَعْفَرٌ أَكْثَرَ إِطْعَامًا لِلْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» . (٢) ، ٥ - ٢٩ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ، يَعْنِي فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ. فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ (٣) أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِنْفَاقَ الصِّدِّيقِ أَمْوَالَهُ أَعْظَمُ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ إِطْعَامَ الْجَائِعِ (٤) مِنْ جِنْسِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ، الَّتِي يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ فِعْلَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بَلْ وَكُلُّ أُمَّةٍ يُطْعِمُونَ جِيَاعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ،


(١) إِنَّمَا فِي (م) فَقَطْ.
(٢) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِيمَا مَضَى ٤
(٣) ن، ب: وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ، س: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ.
(٤) ن، م: الْجِيَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>