للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا عَقْلِيًّا صَحِيحًا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْكَلَامُ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِهِ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَمِنْهُ صَوَابٌ وَمِنْهُ خَطَأٌ، وَمِنْهُ مَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ وَمِنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُمْ أَحْذَقُ فِي النَّظَرِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْعُلُومِ الْكُلِّيَّةِ الصَّادِقَةِ وَأَعْلَمُ بِالْمَعْقُولَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِلَهِيَّاتِ (١) ، وَأَكْثَرُ صَوَابًا وَأَسَدُّ قَوْلًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ، وَالْمُتَفَلْسِفَةُ فِي الطَّبِيعِيَّاتِ وَالرِّيَاضِيَّاتِ (٢) أَحَذَقُ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْهَا كَمَعْرِفَتِهِمْ، مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَطَأِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ يُقَالَ لِأَئِمَّتِهِمْ وَحُذَّاقِهِمُ الَّذِينَ ارْتَفَعَتْ عُقُولُهُمْ وَمَعَارِفُهُمْ فِي الْإِلَهِيَّاتِ عَنْ كَلَامِ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ، وَكَلَامِ ابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ: مَا الْمُوجِبُ أَوَّلًا لِقَوْلِكُمْ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَأَنْتُمْ لَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ .

وَأَصْلُ الْفَلْسَفَةِ عِنْدَكُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِنْصَافِ وَاتِّبَاعِ الْعِلْمِ (٣) ، وَالْفَيْلَسُوفُ هُوَ مُحِبُّ الْحِكْمَةِ، وَالْفَلْسَفَةُ مَحَبَّةُ الْحِكْمَةِ، وَأَنْتُمْ إِذَا نَظَرْتُمْ فِي كَلَامِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ تَجِدُوا فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، مَعَ عِلْمِكُمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعَالَمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ يَقُولُونَ بِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ.


(١) ن، م، ا: بِالْإِلَهِيَّةِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(٢) ن، م: وَالْإِلَهِيَّاتِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) ن، م: وَاتِّبَاعِ الْعَالِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>