للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرَةٍ، جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ أَسْبَابِ تَثْبِيتِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْإِسْلَامُ لَمْ يَكُنْ لِسَيْفِهِ فِيهَا تَأْثِيرٌ، كَيَوْمِ بَدْرٍ: كَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفٍ كَثِيرَةٍ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ غَزَوَاتِ الْقِتَالِ كُلَّهَا كَانَتْ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، وَعَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ قِتَالَ الرُّومِ وَفَارِسَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لِعَلِيٍّ غَزَاةٌ أَثَّرَ فِيهَا تَأْثِيرًا مُنْفَرِدًا كَثِيرًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَانَ نَصْرُهُ فِي الْمَغَازِي تَبَعًا لِنَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْحُرُوبُ الْكِبَارُ الَّتِي كَانَ فِيهَا هُوَ الْأَمِيرَ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ الْجَمَلِ، وَالصِّفِّينُ، وَالنَّهْرَوَانُ. وَفِي الْجَمَلِ وَالنَّهْرَوَانِ كَانَ مَنْصُورًا ; فَإِنَّ جَيْشَهُ كَانَ أَضْعَافَ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَسْتَظْهِرْ عَلَى الْمُقَاتِلِينَ لَهُ (١) ، بَلْ مَا زَالُوا مُسْتَظْهِرِينَ عَلَيْهِ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَأَمْرُهُ يَضْعُفُ، وَأَمْرُ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ يَقْوَى.

وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِصَارَ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، وَلِمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: ٥١] .

وَكَذَلِكَ انْتِصَارُ غَيْرِ عَلِيٍّ، كَانْتِصَارِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى مَنْ قَاتَلُوهُ، إِنَّمَا كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، كَمَا وَعَدَهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ.


(١) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>