للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٩٦] .

وَقَدْ أَجْمَعَ [سَلَفُ] (١) الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى حِلِّ السَّمَكِ كُلِّهِ. وَعَلِيٌّ مَعَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ يُحِلُّونَ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ، فَكَيْفَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْجَسَهُ؟ !

وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ جُهَّالٌ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ الْمَكْذُوبَةِ.

الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: نُطْقُ السَّمَكِ لَيْسَ مَقْدُورًا لَهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ. فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَنْطَقَ مَا أَنْطَقَ مِنْهَا، وَأَسْكَتَ مَا أَسْكَتَهُ، إِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ، فَأَيُّ ذَنْبٍ لِمَنْ أَسْكَتَهُ اللَّهُ، حَتَّى يُقَالَ: هُوَ نَجِسٌ؟ !

وَمَنْ جَعَلَ لِلْعَجْمَاءِ ذَنَبًا بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْطِقْهَا كَانَ ظَالِمًا لَهَا.

وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: بَلِ اللَّهُ أَقْدَرَهَا عَلَى ذَلِكَ، فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ (٢) .

فَيُقَالُ: إِقْدَارُهُ لَهَا عَلَى ذَلِكَ - لَوْ وَقَعَ - إِنَّمَا كَانَ كَرَامَةً لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْكَرَامَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنُّطْقِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ، لَا بِمُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَعَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ فِي إِقْدَارِهَا مَعَ - امْتِنَاعِهَا - كَرَامَةٌ لَهُ، بَلْ فِيهِ تَحْرِيمُ الطَّيِّبَاتِ عَلَى النَّاسِ، فَإِنَّ لَحْمَهَا طَيِّبٌ (٣) ، وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَاتِ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٦٠] .


(١) سَلَفُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(٢) ن، م، س: فَامْتَنَعَتْ بِهِ.
(٣) س، ب: أَطْيَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>