للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا فَقِيرٌ مُمْكِنٌ، وَكُلَّمَا زَادَتِ السِّلْسِلَةُ زَادَ (١) الْفَقْرُ وَالِاحْتِيَاجُ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَقْدِيرُ مَعْدُومَاتٍ لَا تَتَنَاهَى، فَإِنَّ كَثْرَتَهَا لَا تُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا مَعْدُومَاتٍ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَوْجُودٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمَوْجُودِ الْغَنِيِّ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ، الْغَنِيِّ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مُفْتَقِرًا إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَكُلُّ مَا فِي الْعَالَمِ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْفَقْرُ (٢) ظَاهِرٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْعَالَمِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ، لَا يُحْدِثُ شَيْئًا (٣) بِنَفْسِهِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ لَا يَسْتَغْنِي بِنَفْسِهِ أَلْبَتَّةَ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبَ الْوُجُودِ.

فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ الْقَيُّومُ الْغَنِيُّ مُبَايِنًا لِلْعَالَمِ، وَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ كُلُّ كَمَالٍ [مُمْكِنِ الْوُجُودِ] (٤) لَا نَقْصَ فِيهِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِ (* لَكَانَ الْكَمَالُ: إِمَّا مُمْتَنَعًا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُحَالٌ: لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّهُ مُمْكِنُ الْوُجُودِ، وَلِأَنَّ (٥) الْمُمْكِنَاتِ *) (٦) مُتَّصِفَةٌ (٧) بِكَمَالَاتٍ عَظِيمَةٍ، وَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ مِنَ الْمَخْلُوقِ، وَالْقَدِيمُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْحَادِثِ، وَالْوَاجِبُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْمُمْكِنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وُجُودًا مِنْهُ، وَالْأَكْمَلُ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ مِنْ غَيْرِ الْأَكْمَلِ، وَلِأَنَّ كَمَالَ الْمَخْلُوقِ مِنَ الْخَالِقِ، فَخَالِقُ الْكَمَالِ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ، وَهُمْ يَقُولُونَ:


(١) ب (فَقَطْ) : يَزْدَادُ.
(٢) ن (فَقَطْ) : وَالْفَقِيرُ.
(٣) ب: شَيْءٌ.
(٤) مُمْكِنِ الْوُجُودِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ن: الْوُجُودِ لِأَنَّ. . .
(٦) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٧) ا، ب: مَوْصُوفَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>