للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعُقُولُ الْمُتَبَايِنَةُ لَا تَتَّفِقُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ وَلَا تَشَاعُرٍ، إِلَّا لِمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، بَلْ لَا يُوجِبُ الظَّنَّ لَمْ تَكُنِ الطَّوَائِفُ الْكَثِيرَةُ مَعَ تَبَايُنِ هِمَمِهِمْ وَقَرَائِحِهِمْ وَعَدَمِ تَوَاطُئِهِمْ يَقْطَعُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا قَطْعَ فِيهِ.

فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ قَطْعِيَّةٌ تُوجِبُ كَوْنَ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَيَحْرُمُ خِلَافُهَا.

وَأَيْضًا فَإِنَّ السُّنَّةَ وَالشِّيعَةَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلِيٌّ مَعَهُمْ كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ عِصْمَةِ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّ عِصْمَتَهُ لَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ عُمْدَتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ عَلَى انْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِهِ إِذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ وَلَا الْمَعْقُولِ مَا يَنْفِي الْعِصْمَةَ عَنْ (١) غَيْرِهِ.

وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ تَنَاقُضَ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّ أَصْلَ دِينِهِمْ بَنَوْهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَدَحُوا فِيهِ وَالْقَدْحُ فِيهِ قَدْحٌ فِي عِصْمَةِ عَلِيٍّ فَلَا يَبْقَى لَهُمْ مَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ وَهَذَا شَأْنُهُمْ فِي عَامَّةِ أَقْوَالِهِمُ الَّتِي يَنْفَرِدُونَ بِهَا.

وَلِهَذَا قَالَ فِيهِمُ الشَّعْبِيُّ: " يَأْخُذُونَ بِأَعْجَازٍ لَا صُدُورَ لَهَا " أَيْ بِفُرُوعٍ لَا أُصُولَ لَهَا.

فَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ لَيْسَ بِحُجَّتِهِمْ (٢) لَمْ تَثْبُتْ عِصْمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ حُجَّةً لَمْ يَحْتَجْ إِلَى عِصْمَتِهِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ


(١) س، ب: مِنْ
(٢) ب: لَيْسَ بِحُجَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>