للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فِي مَسَائِلِ الْحِسَابِ؛ فَإِذَا كَثُرَ الْعَدَدُ امْتَنَعَ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَكُنْ يَمْتَنِعُ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ عِلْمَ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ عِلْمِ أَحَدِهِمَا إِذَا انْفَرَدَ وَقَوَّتُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ قَوَّتِهِ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْخَطَأِ حَالَ الِانْفِرَادِ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَثْرَةِ.

قَالَ تَعَالَى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٨٢] .

وَالنَّاسُ فِي الْحِسَابِ قَدْ يُخْطِئُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ وَلَا تُخْطِئُ الْجَمَاعَةُ كَالْهِلَالِ فَقَدْ يَظُنُّهُ الْوَاحِدُ هِلَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَأَمَّا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمُ الْغَلَطُ.

وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا وَكَثُرُوا يَكُونُ دَاعِيهِمْ إِلَى الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ أَقَلَّ مِنْ دَاعِيهِمْ إِذَا كَانُوا قَلِيلًا فَإِنَّهُمْ فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ؛ فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ وَالتَّمَدُّنَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا مَعَ قَانُونِ عَدْلِيٍّ فَلَا يُمْكِنُ أَهْلُ مَدِينَةٍ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى إِبَاحَةِ ظُلْمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ، بَلْ نَجِدُ الْأَمِيرَ إِذَا ظَلَمَ بَعْضَ الرَّعِيَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَا يُظْلَمُ حِينَ يَظْلِمُ الرَّعِيَّةَ، وَمَا اسْتَوَوْا كُلُّهُمْ [فِيهِ] (١) فَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَجْمُوعَ قَدْ خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَفْرَادِ سَوَاءٌ كَانَ اجْتِمَاعَ أَعْيَانٍ أَوْ أَعْرَاضٍ.

وَمِنَ الْأَمْثَالِ الَّتِي يَضْرِبُهَا الْمُطَاعُ لِأَصْحَابِهِ: أَنَّ السَّهْمَ الْوَاحِدَ (٢)


(١) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)
(٢) الْوَاحِدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

<<  <  ج: ص:  >  >>