للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَزَعِ؟ ! .

وَأَيْضًا فَقِيَامُهُ بِقِتَالِ (١) الْمُرْتَدِّينَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ، وَتَثْبِيتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ تَجْهِيزِ أُسَامَةَ، مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ طُمَأْنِينَةً وَيَقِينًا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ قَدْ نَزَلَ بِكَ مَا لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ لَهَاضَهَا، وَبِالْبِحَارِ لَغَاضَهَا، وَمَا نَرَاكَ ضَعُفْتَ فَقَالَ: مَا دَخَلَ قَلْبِي رُعْبٌ بَعْدَ لَيْلَةِ الْغَارِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى حُزْنِي - أَوْ كَمَا قَالَ - قَالَ: لَا عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِهَذَا الْأَمْرِ بِالتَّمَامِ.

ثُمَّ يُقَالُ: مَنْ شَبَّهَ يَقِينَ أَبِي بَكْرٍ وَصَبْرَهُ بِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ وَالسُّنِّيُّ لَا يُنَازِعُ فِي فَضْلِهِ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَكِنَّ الرَّافِضِيَّ (٢) الَّذِي ادَّعَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَكْمَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ دَعْوَاهُ (٣) بُهْتٌ وَكَذِبٌ وَفِرْيَةٌ، فَإِنَّ مَنْ تَدَبَّرَ سِيرَةَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلِمَ أَنَّهُمَا كَانَا فِي الصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَقِلَّةِ الْجَزَعِ فِي الْمَصَائِبِ أَكْمَلَ مِنْ عَلِيٍّ، فَعُثْمَانُ حَاصَرُوهُ وَطَلَبُوا خَلْعَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ، أَوْ قَتْلَهُ (٤) وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَتَلُوهُ، وَهُوَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ مُقَاتَلَتِهِمْ إِلَى أَنْ قُتِلَ شَهِيدًا وَمَا دَافَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ أَعْظَمِ الصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ؟ ! .

وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ صَبْرُهُ كَصَبْرِ عُثْمَانَ، بَلْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ إِظْهَارِ التَّأَذِّي مِنْ عَسْكَرِهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ مَعَهُ، وَمِنَ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ


(١) م، ن: فِي قِتَالِ.
(٢) ب (فَقَطْ) : وَلَكِنَّ دَعْوَى الرَّافِضِي. . .
(٣) م: دَعْوَى، ن، س: هِيَ دَعْوَى. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(٤) م: مِنْ خِلَافَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>