للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَصِيرُ إِمَامًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَلَيْسُوا هُمْ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ، فَقَدْ غَلِطَ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ تَخَلُّفَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ يَضُرُّهُ، فَقَدْ غَلِطَ.

وَأَبُو بَكْرٍ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، الَّذِينَ هُمْ بِطَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالَّذِينَ بِهِمْ صَارَ لِلْإِسْلَامِ قُوَّةٌ وَعِزَّةٌ، وَبِهِمْ قَهَرَ الْمُشْرِكُونَ، وَبِهِمْ فُتِحَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، فَجُمْهُورُ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ. وَأَمَّا كَوْنُ عُمَرَ أَوْ غَيْرِهِ (١) سَبَقَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَلَا بُدَّ فِي كُلِّ بَيْعَةٍ (٢) مِنْ سَابِقٍ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَانَ كَارِهًا لِلْبَيْعَةِ، لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي مَقْصُودِهَا، فَإِنَّ نَفْسَ الِاسْتِحْقَاقِ لَهَا ثَابِتٌ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّهُمْ بِهَا، وَمَعَ قِيَامِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَضُرُّ مَنْ خَالَفَهَا، وَنَفْسُ حُصُولِهَا وَوُجُودِهَا ثَابِتٌ بِحُصُولِ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ، بِمُطَاوَعَةِ (٣) ذَوِي الشَّوْكَةِ.

فَالدِّينُ الْحَقُّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْكِتَابِ الْهَادِي وَالسَّيْفِ النَّاصِرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: ٢٥] (٤) .


(١) ن، م: عُمَرَ وَغَيْرِهِ.
(٢) أ: فِي كُلِّ بَيْعَةٍ فَلَا بُدَّ؛ ب: فَفِي كُلِّ بَيْعَةٍ لَا بُدَّ.
(٣) ن، م: بِطَاعَةِ.
(٤) ن، م: لِلنَّاسِ الْآيَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>