للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنْفِيرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ مَنْعُهُمْ مِنْهُ، قَالُوا: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ. قَالُوا: وَنَحْنُ نَقُولُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ وَيَحْسُنُ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا نَنْفِي مَا نَنْفِيهِ بِالْخَبَرِ السَّمْعِيِّ، وَنُوجِبُ وُقُوعَ مَا يَقَعُ بِالْخَبَرِ السَّمْعِيِّ أَيْضًا، كَمَا أَوْجَبْنَا ثَوَابَ الْمُطِيعِينَ وَعُقُوبَةَ الْكَافِرِينَ لِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَنَفَيْنَا أَنْ يَغْفِرَ لِمُشْرِكٍ لِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ (١) ". . وَكَثِيرٌ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَصْلِهِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيرِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُفَضِّلُ شَخْصًا عَلَى شَخْصٍ إِلَّا بِعَمَلِهِ، يَقُولُ: إِنِ النُّبُوَّةَ، أَوِ الرِّسَالَةَ جَزَاءٌ عَلَى عَمَلٍ مُتَقَدِّمٍ، فَالنَّبِيُّ فَعَلَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا اسْتَحَقَّ بِهِ أَنْ يَجْزِيَهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ. وَهَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ فِي شِقٍّ وَأُولَئِكَ الْجَهْمِيَّةُ الْجَبْرِيَّةُ فِي شِقٍّ. وَأَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَصُدُورِهِ عَنْ عِلَّةٍ مُوجِبَةٍ - مَعَ إِنْكَارِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ فَالنُّبُوَّةُ عِنْدَهُمْ فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِحَسْبِ اسْتِعْدَادِهِ وَهِيَ مُكْتَسَبَةٌ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا - فِي قُوَّتِهِ الْعِلْمِيَّةِ (٢) . بِحَيْثُ يَسْتَغْنِي عَنِ التَّعْلِيمِ، وَشُكِّلَ فِي نَفْسِهِ خِطَابٌ يَسْمَعُهُ كَمَا يَسْمَعُ النَّائِمُ، وَشَخْصٌ


(١) نَقَلَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي الْهَامِشِ الْكَلَامَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ: " وَإِذَا احْتَجَّ الْمُعْتَزِلَةُ وَمُوَافِقُوهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ. . إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، ثُمَّ قَالَ: " قُلْتُ: فَهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ - وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ - لَا يَقُولُ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الشَّرْعِيَّيْنِ، وَلَا يَقُولُ أَيْضًا بِالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ، فَلَمْ تَكُنْ أَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمْ أَيْضًا مُعَلَّلَةً بِالْأَغْرَاضِ، فَالظَّاهِرُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الْتِزَامُهُمْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ هَذَانِ الْأَصْلَانِ
(٢) فِي الْأَصْلِ: الْعَمَلِيَّةِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>