للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْكَلِمَةِ الْبَاقِيَةِ فِي عَقِبِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَدَعْوَةُ الْحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ: ضَمَّنَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَمَرَ الْمَأْمُورِينَ بِالْإِيمَانِ أَنْ يَعْتَقِدُوهَا وَيَقُولُوهَا , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] وَقَالَ فِيمَا ذَمَّ بِهِ مُسْتَكْبِرِي الْعَرَبِ: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٦] وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اسْتَكْبَرُوا وَلَمْ يَقُولُوهَا , بَلْ قَالُوا مَكَانَهَا: {أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٦] وَوَصَفَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَفْسَهُ بِمَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥] وَقَالَ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: ٦٥] وَأَضَافَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: ٢٦] فَقِيلَ: الْكَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَجَازُ قَوْلِهِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: ٢٦] لَا إِلَهَ وَمَجَازُ قَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: ٢٧] إِلَّا اللَّهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَادُهُ الْمُؤْمِنُونَ أَخَذُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَنْهُ , فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَدَّدَهَا بَعْدَ دُرُوسِهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بَعَثَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَوَرَّثَهُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَا وَرَّثَهُ مِنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ وَمِنًى , وَالْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَاهُ بِهَا فَأَتَمَّهَا وَالْقُرْبَانِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>