للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: ٤] قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: ٤] وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍ فَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَيَبْقَى بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَمَا هَذَا صِفَتُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا قَدِيمًا , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [يونس: ١٩] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: ٦٨] وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ١٧٢] , وَالسَّبْقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي سَبْقَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ١] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا سَمَّيْنَاهُ - يُرِيدُ كَلَامَهُ - قُرْآنًا عَرَبِيًّا , وَأَفْهَمْنَاكُمُوهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عَبَّادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: ١٩] أَيْ سَمُّوهُمْ، وَقَوْلُهُ: {أُمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خُلِقُوا كَخَلْقِهِ} [الرعد: ١٦] أَيْ سَمُّوا لَهُ شُرَكَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهِ تَعَالَى نَفَى عَنْ كَلَامِهِ الْحَدَثَ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لِعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: ٤] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا مَكْتُوبًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: ٢١] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يُرِيدُ مَكْتُوبًا فِيهِ , وَذَلِكَ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ , وَفِيهِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ , وَالْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ , وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَمَا كَانَ , وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: ٢] يُرِيدُ بِهِ ذِكْرَ الْقُرْآنِ لَهُمْ وَتِلَاوَتَهُ عَلَيْهِمْ وَعِلْمَهُمْ بِهِ , فَكُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>