للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القعود عن مقاتلته خلاف ما أمر الله به، وأما مع اللبس؛ فلا وجوب حتى يتبين المحق من المبطل؛ لكن يجب السعي في الصلح كما أمر الله به.

وليس من البغي إظهار كون الإمام سلك في اجتهاده في مسألة أو مسائل طريق مخالفة لما يقتضيه الدليل؛ فإنه ما زال المجتهدون هكذا، ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد؛ بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده، ويخلو به ويبذل له النصيحة (١) ، ولا يذل سلطان الله.

ولا يجوز الخروج على الأئمة - وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ -؛ ما أقاموا الصلاة (٢) ، ولم يظهر منهم الكفر البواح، والأحاديث الواردة بهذا المعنى متواترة، ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله، ويعصيه في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وقد ابتلي علي - رضي الله عنه - بقتال البغاة على اختلاف أنواعهم، وإذا كانت الإمامة الإسلامية مختصة بواحد، والأمور راجعة إليه مربوطة به كما كان في أيام الصحابة والتابعين وتابعيهم -؛ فحكم الشرع في الثاني الذي جاء بعد ثبوت ولاية الأول؛ أن يقتل إذا لم يتب عن المنازعة.

وأما إذا بايع كل واحد منهما جماعة في وقت واحد؛ فليس أحدهما أولى من الآخر؛ بل يجب على أهل الحل والعقد أن يأخذوا على أيديهما، حتى يجعل الأمر في أحدهما، فإن استمرا على التخالف؛ كان على أهل


(١) انظر " السنة " (١٠٩٦) لابن أبي عاصم.
(٢) • كما في حديث عوف بن مالك في " صحيح مسلم " (٦ / ٢٤) .
ونحوه حديث أم سلمة عنده (٦ / ٢٣) .
وحديث عوف يأتي. (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>