للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تباشير الضوء، ثم ذنب السِّرحان وهو الفجر الكذاب، ثم يتضح نور الصباح الذي أبداه بقدرته فالق الإصباح، ولذلك قال الشاعر:

(وأزرق الصبح يبدو قبل أبيضه ... وأول الغيث قطر ثم ينسكب)

قال ابن القيم: " إن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ بالستين آية إلى المئة، ثم ينصرف منها والنساء لا يُعرفن من الغلس (١) ، وأن صلاته كانت في التغليس حتى توفاه الله - تعالى -، وأنه أسفر بها مرة واحدة، وكان بين سحوره وصلاته قدر خمسين آية، فرُد ذلك بمجمل حديث رافع بن خديج: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " (٢) ، وهذا - بعد ثبوته - إنما المراد به الإسفار بها دواماً، لا ابتداء، فيدخل فيها مغلسا ويخرج منها مسفرا، كما كان يفعله رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، فقوله موافق لفعله لا مناقض له، وكيف يُظن به المواظبة على فعل ما الأجر الأعظم في خلافه؟ ! " انتهى.

(وآخره طلوع الشمس) : ومما ينبغي أن يُعلم: أن الله - عز وجل - لم يكلف عباده في تعريف أوقات الصلوات بما يشق عليهم ويتعسر، فالدين يسر، والشريعة سمحة سهلة، بل جعل -[صلى الله عليه وسلم]- للأوقات علامات حسية يعرفها كل أحد، فقال في الفجر: طلوع النور الذي هو من أوائل أجزاء النهار يعرفه كل أحد، وقال في الظهر: " إذا دحضت الشمس " (٣) ، إذا زالت الشمس،


(١) الظلام.
والحديث؛ رواه البخاري (١٩٢١) ، ومسلم (١٠٩٧) .
(٢) حديث صحيح، انظر " إرواء الغليل " (٢٥٨) .
(٣) هي رواية عند مسلم (٦٠٦) عن جابر بن سمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>