للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن كان في جهات اليمن وعرف جهة المشرق وجهة المغرب؛ توجه بين الجهتين، فإن تلك الجهة هي القبلة.

وكذلك من كان بجهة الشام؛ يتوجه بين الجهتين من دون إتعاب للنفس في تقدير الجهات؛ فإن ذلك مما لم يرد به الشرع ولا كُلّف به العباد.

والمحاريب (١) المنصوبة في المساجد والمشاهد المعمورة في بلاد المسلمين، الذين لهم عناية بأمر الدين؛ مغنية عن التكلف، وكذلك إخبار العدول المرضيين كافة، فإن من قال: هذه جهة القبلة، أو عمّر محراباً يأوي إليه الناس؛ لا شك أنه قد بلغ من التحري ما يبلغه من أراد تأدية صلاة أو صلوات في مكان من الأمكنة؛ لأن معرفة الجهة التي عرفناك بها من السير ما تراد لمعرفته لكون الجهات الأربع معلومة لكل عاقل.

وقد يعرض اللبس في بعض المواطن على بعض الأفراد؛ إما لعدم ظهور ما يهتدي به في ظلمة الليل، أو حيلولة جبال عالية في أرض عالية لا يعرفها، مع تلون طرقها التي قد سلكها، فهذا فرضه أن يمعن النظر في تعريف الجهة، فإذا أعوزه الأمر توجه حيث شاء، هذا في الفرائض، وأما النوافل فقد خفف الشارع فيها وسوغ تأديتها على ظهر الراحلة إلى جهة القبلة وغير جهتها، بل سوّغ تأدية الفريضة في الأرض الندية على ظهر الراحلة، كما تجد ذلك في " المنتقى " و " شرحه ".

فهذا خلاصة ما تعبدنا الله به في أمر القبلة، وهو يغنيك عن التفريعات الطويلة والتهويلات المهيلة في كتب الفقه.


(١) المحاريب المجوفة في جدار القبلة من المحدثات؛ فانظر " السلسلة الضعيفة " (١ / ٤٤٧) .
وللسيوطي رسالة بعنوان " إتحاف الأريب بحدوث بدعة المحاريب "؛ وهي مطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>