للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما روي من الإرسال عن بعض التابعين - من نحو الحسن، وإبراهيم، وابن المسيب، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، كما أخرجه ابن أبي شيبة -: فإن بلغ عندهم حديث الوضع؛ فمحمول على أنه لم يحسبوه سنة من سنن الهدى، بل حسبوه عادة من العادات، فمالوا إلى الإرسال؛ لأصالته مع جواز الوضع، فعملوا بالإرسال بناء على الأصل؛ إذ الوضع أمر جديد يحتاج إلى الدليل، وإذ لا دليل لهم؛ فاضطروا إلى الإرسال، لا أنه ثبت عندهم الإرسال، وإلى ذلك يشير قول ابن سيرين حيث سئل عن الرجل يمسك بيمينه شماله؟ قال: إنما فعل ذلك من أجل الدم. كما أخرج ابن أبي شيبة.

وأما ما أخرج أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن إبراهيم، قال: سمعت عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه! فهي رواية شاذة مخالفة لما روى الثقات عنه.

كما أخرج أبو داود عن زرعة بن عبد الرحمن، قال: سمعت ابن الزبير يقول: صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة.

وإن سُلّم كونها صحيحة؛ فهذه فعله، والفعل لا عموم له، ورواية الوضع عنه مرفوعة لأنه نسبه إلى السنة، وقول الصحابي: من السنة؛ في حكم الرفع، كما حُقق في كتب أصول الحديث.

ومع هذا لعله لم ير الوضع من سنن الهدى، وفهم الصحابي ليس بحجة - كما مضى -، لا سيما إذا كان مخالفاً لأجله الصحابة، كأميري المؤمنين أبي بكر الصديق، وعلي المرتضى، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سعد، ونحوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>