للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل: أن الدين يسر، وقد جاءنا [صلى الله عليه وسلم] بالشريعة السمحة السهلة، ولم يأمرنا بالكشف عن الحقائق، وسن لنا أن نصلي بعد من كان بالنسبة إلى الواحد منا في الحضيض، باعتبار المزايا الموجبة للفضل، فإنه [صلى الله عليه وسلم] صلى بعد أبي بكر، وعتاب بن أسيد (١) ، وهما بالنسبة إليه لا يعدان شيئا.

ولا ريب أن الذي ينبغي تقديمه لمثل هذه العبادة، ليكون وافد المؤتمين به إلى الله: هو من أرشد إليه [صلى الله عليه وسلم] بقوله: " يؤم القوم أقرأهم ... " إلى آخر الحديث.

إنما الشأن فيمن يلعب به الشيطان في الوسوسة المفضية إلى إساءة الظن بأئمة الصلاة المتبعين للسنة، فيوقع في قلبه العداوة لكل واحد منهم، بمجرد خيالات مختلة وضلالات مضلة، فيقول له: هذا العالم لا يصلح للإمامة لكونه كذا {وهذا الفاضل لا يصلح لها لكونه كذا} (٢) ثم ينقله من درجة إلى درجة، ومن واحد إلى واحد، حتى لا يجد على ظهر البسيطة من يصلح لإمامة الصلاة {فهذا مخدوع؛ قد لعب به الشيطان كيف يشاء، حتى أحرمه (٣) فضيلة الجماعة التي هي من أعظم شعائر الإسلام، وأجل أسباب الأجور، ومع هذا؛ فهو قد أوقعه في ورطة أخرى، وهي حمل جميع المسلمين على غير السلامة، فصار ظالما لكل واحد منهم مظلمة يستوفيها منه بين يدي الجبار.


(١) انظر " الإصابة " (٤ / ٢١١) لابن حجر.
(٢) ومن أشباه هؤلاء - اليوم - الطاعنون بعلمائنا، ومشايخنا وكبرائنا؛ ممن لا يساوون - بجنبهم - وزن ريشة} !
(٣) حرمه الشيء - من باب ضرب -: منعه منه، ويتعدى لمفعولين.
قال في " المصباح ": " وأحرمته؛ لغة فيه ". (ش)

<<  <  ج: ص:  >  >>