للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويتجه على هذا أن قولهما متقاربان.

قال الأوزاعي: عامة الفقهاء يقولون: مسيرة يوم تام، وإنما يحل القصر إذا خرج من بيوت القرية.

قال العلماء: إذا جاوز عمران المصر: قصر.

أقول: مسألة أقل السفر قد اضطربت فيها الأقوال، وطال فيها النزاع، وتشعبت فيها المذاهب، وليس في ذلك شيء يستند إليه؛ إلا مجرد قول الرواة: قصر رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- في كذا؛ من دون بيان لمقدار يرجع إليه.

وأصرح ما في ذلك؛ ما قاله بعض الرواة: أنه -[صلى الله عليه وسلم]- كان يقصر إذا سافر ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ؛ هكذا على الشك! مع أنه لم يبين مقدار المسافة التي هي انتهاء سفره، وغاية ما وقع التعويل عليه أحاديث: " لا يحل لامرأة ... " كما تقدم، والمعمول عليه ههنا رواية البريد؛ لأن ما فوقها يعتبر فيه ذلك بفحوى الخطاب.

لكن؛ لا ملازمة بين اعتبار المحرم للمرأة وبين وجوب القصر على غيرها من المسافرين؛ لأن علة مشروعية المحرم غير علة مشروعية القصر، فلم يبق في المسألة ما يصلح للاستناد إليه، فوجب الرجوع إلى ما يصدق عليه مسمى الضرب في الأرض على وجه يخالف ما يفعله المقيم من ذلك، وهو يصدق على من أراد سفرا زائدا على الميل، لا ما كان ميلا فما دون، فقد يتردد المقيم في الجوانب المقاربة لبلد إقامته، وقد كان -[صلى الله عليه وسلم]- يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>