للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول: أراد العدل بين الإفراط والتفريط، وأن لا ينتحلوا عادة الجاهلية في المغالاة.

والحاصل: أنه لا ريب في مشروعية الكفن للميت، ولا شك في عدم وجوب زيادة على الواحد، ولم يثبت عنه [صلى الله عليه وسلم] كون الكفن على صفة من الصفات، أو عدد من الأعداد؛ إلا ما كان منه [صلى الله عليه وسلم] في تكفين ابنته أم كلثوم.

وهذا الحديث - وإن كان فيه مقال - لكنه لا يخرج به عن حد الاعتبار.

فغاية ما يقال: إنه يستحب أن يكون كفن المرأة على هذه الصفة (١) ، وأما كفن الرجل؛ فلم يثبت عنه إلا الأمر بالتكفين في الثوب الواحد، كما في قتلى أحد، وفي الثوبين؛ كما في المحرم الذي وقصته ناقته.

وليس تكثير الأكفان والمغالاة في أثمانها بمحمود؛ فإنه لولا ورود الشرع به: لكان من إضاعة المال؛ لأنه لا ينتفع به الميت، ولا يعود نفعه على الحي، ورحم الله أبا بكر الصديق حيث قال: " إن الحي أحق بالجديد (٢) "؛ لما قيل له عند تعيينه لثوب من أثوابه في كفنه: " إن هذا خلق " (٣) .


(١) • فيه أن الاستحباب حكم شرعي، وهو لا يثبت بمثل هذا الحديث الضعيف، فتأمل! لا سيما وهو بظاهره أقرب إلى المغالاة منه إلى العدل. (ن)
(٢) • أخرجه البيهقي (٣ / ٣٩٩) عن عائشة: لما اشتد مرض أبي بكر بكيت ... فأفاق. . ثم قال: أي يوم توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ؟ قالت: فقلت: يوم الاثنين، فقال: فأي يوم هذا؟ قلت: يوم الاثنين ... قالت: وقال: في كم كفنتم رسول الله؟ قال - كذا -: كنا كفناه في ثلاثة أثواب سحولية بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وبه درع زعفران أو مشق، واجعلوا معه ثوبين جديدين، فقالت عائشة: فقلت: إنه خلق، فقال لها: الحي أحوج إلى الجديد من الميت؛ إنما هو للمهلة.
وإسناده صحيح. (ن)
(٣) بفتح اللام؛ وهو الثوب البالي. (ش)

<<  <  ج: ص:  >  >>