للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنهم لا يرضون بأن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته، فإن رضوا بذلك في الحياة - كمن يوصي من بعده أن يجعل على قبره بناء، أو يزخرفه -؛ فهو غير فاضل، والعالم يزجره علمه عن أن يكون على قبره ما هو مخالف لهدي نبيه -[صلى الله عليه وسلم]-.

فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها {وما أسرع ما خالفوا وصية رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عند موته، فجعلوا قبره على هذه الصفة التي هو عليها الآن}

وقد شد من عضد هذه البدعة؛ ما وقع من بعض الفقهاء من تسويغها لأهل الفضل، حتى دونوها في كتب الهداية، والله المستعان {

ومثل هذا التسويغ: الكتب على القبور بعد ورود صريح النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة (١) ؛ كأنه لم يكف الناس ابتداعهم في مطعمهم ومشربهم وملبوسهم وسائر أمور دنياهم، فجعلوا على قبورهم شيئا من هذه البدع؛ لتنادي عليهم بما كانوا عليه حال الحياة، وتغالوا في ذلك حتى جعلوه مختصا بأهل العلم والفضل؛ اللهم غفرا}


(١) روى الحاكم في " المستدرك " (جزء ١ ص ٣٧٠) من حديث جابر: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن تجصيص القبور، والكتاب فيهما، والبناء عليها، والجلوس عليها، ثم قال: " هذه الأسانيد صحيحة؛ وليس العمل عليها؛ فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ".
قال الذهبي عقبه: " قلت: ما قلت طائلا! ولا نعلم صحابيا فعل ذلك؛ وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم، ولم يبلغهم النهي ". (ش)
قلت: وانظر - للفائدة - " أحكام الجنائز " (ص ٢٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>