للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متبالغ في المشقة، ولم يسمع أن امرأة امتنعت من ذلك، وقالت: هذا ليس علي، أو لست ممن يعمل هذه الأعمال؛ لكوني بمكان من الشرف، أو بمحل من الجمال.

فقد صح في " الصحيحين " وغيرهما: أن الرحى أثرت في يد البتول، والقربة أثرت في نحرها؛ ولا شرف كشرفها - رضي الله عنها وأرضاها -.

فمن زعمت أنه لا يجب عليها إلا تمكين زوجها من الوطء، وأرادت الرجوع بأجرة عملها؛ لم تحل إجابتها إلى ذلك.

إنما الإشكال إذا امتنعت من المباشرة للأعمال ابتداء - قائلة: هذا لا يجب علي -؛ فإجبارها على ذلك يحتاج إلى دليل، فإن صح الأمر منه صلى الله عليه وسلم للبتول بخدمة زوجها؛ كان ذلك صالحا للتمسك به على إجبار الممتنعة (١) .

وأما استدلال القائلين بعدم الوجوب بقوله - تعالى -: {نساؤكم حرث لكم} ، ونحو ذلك؛ فليس مما يفيد المطلوب، وكان يكفيهم أن يقولوا: لم نقف على دليل على الوجوب، ولا يثبت مثل هذا الحكم الشاق بدون ذلك،


(١) • قلت: أوجه الدلالة في الكتاب والسنة غير محصورة بالأمر؛ بل هي كثيرة كما لا يخفى، وقد قام الدليل على وجوب خدمة المرأة لزوجها عند المتفقهين في الكتاب والسنة؛ فالزوج سيد المرأة في كتاب الله - تعالى -؛ وهو قوله: {وألفيا سيدها لدى الباب} ، وهي عانية عنده بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، والعاني: الأسير، ولا يخفى أن مرتبة العبد والأسير خدمة من هما تحت يديه.
وأيضا؛ فقد قال - تعالى -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} ، وليس هو إلا خدمتها إياه، فكما أن على الرجل الإنفاق عليها وكسوتها؛ فعليها خدمته مقابل ذلك، وهذا بين لا يخفى.
ومن شاء تمام هذا البحث؛ فليراجع " الفتاوى " (٢ / ٢٣٤ - ٢٣٥) لابن تيمية، و " زاد المعاد " (٤ / ٤٥ - ٤٦) . (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>