للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأدلتها وتصحيحها يحتمل مصنفا مستقلا، وقد جمع في ذلك شيخنا العلامة الشوكاني رسالة بسط فيها بعض البسط، وقد امتُحن بهذه المسألة جماعة من العلماء؛ منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من بعده، والحق بأيديهم، ولكن لما كان مذهب الأربعة الأئمة أن الطلاق يتبع الطلاق؛ كان المخالف لذلك عند عامة أتباعهم، وكثير من خاصتهم كالمخالف للإجماع.

وقد ظهر مما سقناه ههنا من الأدلة والنقول؛ أن الطلاق ثلاثا بلفظ واحد - أو ألفاظ في مجلس واحد من دون تخلل رجعة - يقع واحدة، وإن كان بدعيا؛ فتكون هذه الصورة من صور الطلاق البدعي واقعة من إثم الفاعل دون سائر صور البدعي؛ فلا يقع الطلاق فيها لما قدمنا تحقيقه.

وأطال ابن القيم في تخريج أحاديث الباب والكلام عليها، وأثبته بالكتاب، والسنة، واللغة، والعرف، وعمل أكثر الصحابة، ثم قال بعد ذلك:

" فهذا كتاب الله - تعالى -، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه لغة العرب، وهذا عرف التخاطب، وهذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة كلهم معه في عصره، وثلاث سنين من عصر عمر على هذا المذهب.

فلو عدهم العاد بأسمائهم واحدا واحدا أنهم (١) كانوا يرون الثلاث واحدة؛ إما بفتوى، وإما بإقرار عليها، ولو فرض منهم من لم يكن يرى ذلك؛ فإنه لم يكن منكرا للفتوى به؛ بل كانوا ما بين مفت، ومقر بفتيا، وساكت غير منكر.


(١) هكذا الأصل، ولعل صحة العبارة هي: " لوجد أنهم ... " الخ. (ش)
• قلت: هي كذلك في " إعلام الموقعين " (٣ / ٤٨) . (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>