للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث: " لا تحرم الرضعة الواحدة ": أن الرضعة والرضعتين لا تحرمان، فلو لم يرد إلا هذا؛ لكانت الثلاث مقتضية للتحريم، ولكنه ثبت في " الصحيح " عن عائشة، أنها قالت: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم قالت: خمس رضعات معلومات يحرمن، وصرحت بأن العشر منسوخة بالخمس، وصرحت أيضا بأنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن، وليس من شرط القرآن تواتر النقل على ما هو الحق.

ولو سلم ذلك؛ فالقراءة الآحادية منزّلة منزلة أخبار الآحاد.

ولكن ههنا إشكال، وهو أن حديث: " لا تحرم المصة والمصتان "؛ دل بمفهوم العدد على أن الثلاث والأربع يثبت بهما التحريم، وحديث الخمس دل بمفهومه على أنهما لا يحرمان.

وأقول: قد تقرر في علم المعاني والبيان: أن الإخبار بالفعل المضارع يفيد الحصر، وصرح بذلك الزمخشري في " الكشاف "، ولا سيما إذا بني الفعل على المنكر؛ كما هو مقرر في مواطنه، فيكون قد انضم إلى مفهوم العدد في الخمس مفهوم الحصر، فلا يثبت التحريم بدونها.

ويؤيد ذلك ما ورد في بعض ألفاظ حديث سهلة بنت سهيل: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه " (١) ، وهذا التركيب في قوة: " إن ترضعيه خمسا تحرمي عليه "، فانضم إلى مفهومي العدد والحصر مفهوم الشرط، وكما تصلح هذه الأدلة لتقييد مطلق القرآن؛ تصلح أيضا لتقييد


(١) • " المسند " (٦ / ٢٠١، ٢٧١) . (ن)
قلت: وذكر الخمس رضعات خارج عن زاوية " الصحيحين "! والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>