للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبي داود، وابن ماجه، والترمذي - وحسنه -، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بشفعة جاره؛ ينتظر بها إن كان غائبا؛ إذا كان طريقهما واحدا " -؛ فهذا الحديث يؤيد ما قلناه من أنه لا شفعة إلا للخليط؛ لأن الطريق إذا كانت واحدة؛ فالخلطة كائنة فيها، ولم تقع القسمة الموجبة لبطلان الشفعة؛ لعدم تصريف الطرق.

فالحق: أن سبب الشفعة هو واحد فقط، وهو الشركة قبل القسمة؛ والخلطة الكائنة بين الشريكين في المشترك بينهما، أو في طريقه، أو في مجاريه، أو منبعه، فما قيل من أن من أسبابها الاشتراك في الطريق، والاشتراك في قرار النهر أو مجاري الماء؛ هو راجع إلى السبب الذي ذكرناه؛ لأن الاشتراك في طريق الشيء، أو في سواقيه؛ هو اشتراك في بعض ذلك الشيء.

والحاصل: أن هذه الأحاديث مخصصة لذلك العموم؛ لأن الظاهر من قوله: " فلا شفعة "؛ أن القسمة مانعة من ثبوت الشفعة؛ سواء كانت القسمة بين المشتري والشفيع، أو متقدمة؛ كما تفيده النكرة الواقعة في سياق النفي.

وقد حقق الماتن المقام في رسالة مستقلة؛ أورد فيها جميع ما ورد في الشفعة من الأدلة، وجمع بينها جمعا نفيسا، فليرجع إليها (١) .


(١) • قلت: لكن يعكر على حصر السبب بالشركة فقط؛ حديث الشريد بن سويد، قال: قلت: يا رسول الله! أرض - ليس فيها لأحد قسم ولا شرك إلا الجوار - بيعت؟ قال: " الجار أحق بسقبه "؛ أخرجه الطحاوي (٢ / ٢٦٧) بسند صحيح.
وقد جمع بينه وبين الأحاديث المتقدمة: الشوكاني (٥ / ٢٨٢) بتقييده بحديث جابر المتقدم بلفظ: " إذا كان طريقهما واحدا "؛ قال: " فإنه يدل على أن الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة؛ إلا مع اتحاد الطريق لا بمجرده ".
وهذا أعدل الأقوال؛ كما قال ابن القيم في " التهذيب " (٥ / ١٦٧) . (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>