للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبي داود، والترمذي، وابن ماجه بإسناد رجاله ثقات (٤) -: أنه كان له غلام حجام، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم عن كسبه، فقال له: ألا أطعمه أيتاما لي؟ قال: " لا "، قال: أفلا أتصدق به؟ قال: " لا "، فرخص له أن يعلفه ناضحه.

فلو كان حراما بحتا؛ لم يرخص له أن يعلفه ناضحه، ويستفاد منه أن إعطاءه صلى الله عليه وسلم الحجام لا يستلزم أن يأكله أهله، حتى لا تتعارض الأحاديث، فقد يكون مكروها لهم، ويكون وصفه بالسحت والخبث مبالغة في التنفير.

وقد يمكن الجمع؛ بأن المنع عن مثل ما منع منه محيصة، والإذن بمثل ما أذن له ورخص له فيه (١) .


(٤) كذا قال الحافظ في " الفتح " (٤ / ٣٦٣) ، وهو كما قال؛ فإنه عند أحمد (٥ / ٤٣٥) ، وأبي داود (٢ / ٩٦) ، والترمذي (٢ / ٢٥٧) - وحسنه -؛ ثلاثتهم، عن مالك، عن الزهري، عن ابن محيصة، عن أبيه: أنه استأذن رسول الله في إجارة الحجام؟ فنهاه عنها، فلم يزل يسأل ويستأذن، حتى أمره أن " اعلفه ناضحك ورقيقك "؛ وسنده صحيح.
وهو في " الموطإ " (٣ / ١٤١) ، لكن وقع في سنده ومتنه خطأ.
ورواه ابن ماجه (٢ / ١١) ، وأحمد أيضا من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ دون قوله: " ورقيقك "؛ وهي زيادة ثابتة؛ لأن مالكا حجة، سيما وقد تابعه عليها عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عند الطحاوي (٢ / ٢٧٢) ، وهو ثقة من رجال البخاري.
وللحديث في " المسند " طريقان آخران؛ في كل منهما رجل مجهول، واللفظ الذي في الكتاب لهما؛ فما أحسن المصنف؛ إذ اختاره وأعرض عن اللفظ الصحيح { (ن)
(١) • قلت: وهذا هو الصواب الذي يقتضيه حديث محيصة، ولا ينهض معارضته بأحاديث إعطائه صلى الله عليه وسلم الأجرة للحجام؛ لأن الإعطاء غير الأخذ في بعض الأحوال؛ ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم كان يعطي السائل وهو غير مستحق للسؤال، ثم يقول: " إنما تكون تحت إبطه نارا "؟}
قال الحافظ في " الفتح ": " وذهب أحمد وجماعة إلى التفريق بين الحر والعبد؛ فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة، ويحرم عليه الإنفاق على نفسه منها، ويجوز الإنفاق على الرقيق والدواب منها، وأباحوها للعبد مطلقا، وعمدتهم حديث محيصة ".
وهذا هو الحق، وكيف يصح حمل النهي على التنزيه؛ مع التصريح بأن كسب الحجام سحت كما تقدم؟ ! (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>