للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرحلنا كَذَلِك من بنه وَحُزْنِهِ لَيَالِيَ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا سُفْيَانَ، هَلْ لَكَ فِي الْمَسِيرِ لِنَتَقَدَّمَ أَصْحَابَنَا؟ قُلْتُ: هَلْ لَكَ فِيهِ؟ قَالَ نَعَمْ.

فَسِرْنَا حَتَّى بَرَزْنَا مِنْ أَصْحَابِنَا سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: هيا صَخْر.

فَقلت.

مَا تَشَاءُ؟

قَالَ حَدِّثْنِي عَنْ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، أَيَجْتَنِبُ الْمَظَالِمَ وَالْمَحَارِمَ؟ قُلْتُ: إِي وَاللَّهِ.

قَالَ: وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَأْمُرُ بِصِلَتِهَا؟ قُلْتُ: إِي وَاللَّهِ.

قَالَ: وَكَرِيمُ الطَّرَفَيْنِ وَسَطٌ فِي الْعَشِيرَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُ قُرَشِيًّا أَشْرَفَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَعْلَمُ.

قَالَ: أَمُحْوِجٌ هُوَ؟ قُلْتُ: لَا بَلْ هُوَ ذُو مَالٍ كَثِيرٍ.

قَالَ: وَكَمْ أَتَى عَلَيْهِ مِنَ السن؟ فَقلت: قَدْ زَادَ عَلَى الْمِائَةِ.

قَالَ: فَالشَّرَفُ وَالسِّنُّ وَالْمَالُ أَزْرَيْنَ (١) بِهِ.

قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ يُزْرِي بِهِ، لَا وَاللَّهِ بَلْ يَزِيدُهُ خَيْرًا.

قَالَ: هُوَ ذَاكَ، هَلْ لَكَ فِي الْمَبِيتِ؟ قُلْتُ: لِي فِيهِ.

قَالَ فَاضْطَجَعْنَا حَتَّى مَرَّ الثَّقَلُ.

قَالَ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا فِي الْمَنْزِلِ وَبِتْنَا بِهِ، ثمَّ ارتحلنا مِنْهُ.


(١) فِي الاكتفا للكلاعي، والوفا لِابْنِ الجوزى، وَدَلَائِل النُّبُوَّة: فالشرف وَالسّن أزريا بِهِ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>