للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ السِّمْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا شَهِدْتُ حِلْفًا لِقُرَيْشٍ إِلَّا حَلِفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي كُنْتُ نَقَضْتُهُ ".

قَالَ: وَالْمُطَيَّبُونَ هَاشِمٌ، وَأُمَيَّةُ، وَزُهْرَةُ، وَمَخْزُومٌ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا رُوِيَ هَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي قَائِلَهُ.

وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ أَرَادَ حِلْفَ الْفُضُولِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدْرِكْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ.

قُلْتُ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا تَحَالَفُوا بَعْدَ مَوْتِ قُصَيٍّ وَتَنَازَعُوا فِي الَّذِي

كَانَ جَعَلَهُ قُصَيٌّ لِابْنِهِ عَبْدِ الدَّارِ مِنَ السِّقَايَةِ، وَالرِّفَادَةِ، وَاللِّوَاءِ، وَالنَّدْوَةِ، وَالْحِجَابَةِ، وَنَازَعَهُمْ فِيهِ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَقَامَتْ مَعَ كُلِّ طَائِفَةٍ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ وَتَحَالَفُوا عَلَى النُّصْرَةِ لِحِزْبِهِمْ.

فَأَحْضَرَ أَصْحَابُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ جَفْنَةً فِيهَا طِيبٌ، فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَتَحَالَفُوا.

فَلَمَّا قَامُوا مَسَحُوا أَيْدِيَهُمْ بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ.

فَسُمُّوُا الْمُطَيَّبِينِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ هَذَا قَدِيمًا.

وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحِلْفِ حِلْفُ الْفُضُولِ وَكَانَ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ كَمَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا لَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ، تَحَالَفُوا أَنْ يَرُدُّوا الْفُضُولَ عَلَى أَهْلِهَا وَأَلَّا يَعُزَّ (١) ظَالِمٌ مَظْلُومًا ".

قَالُوا: وَكَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِعِشْرِينَ سَنَةً فِي شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ بَعْدَ حَرْبِ الْفِجَارِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِجَارَ كَانَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِه السّنة.


(١) الاصل: يعد وَمَا أثْبته من الرَّوْض الانف.
وَمعنى يعز: يغلب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>