للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ الْمُنْتَظِرُ بِسِرْدَابِ سَامَرَّا -[وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ فِيمَا يَزْعُمُونَ (١) ] فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَنْفَعُ مِنْ عَلِيٍّ وَابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، حِينَ تَرَكَ الْقِتَالَ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَأَخْمَدَ نَارَ الْفِتْنَة وَسكن رحى الْحَرْب (٢) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبَاقُونَ مِنْ جُمْلَةِ الرَّعَايَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُكْمٌ عَلَى الْأُمَّةِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ.

وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُونَهُ بِسِرْدَابِ سَامَرَّا، فَذَاك هوس فِي الرؤوس، وَهَذَيَانٌ فِي النُّفُوسِ، لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ.

* * * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَاجَرَ عَلَيْهَا السَّلَامُ لَمَّا وُلِدَ لَهَا إِسْمَاعِيلُ، اشْتَدَّتْ غَيْرَةُ سَارَةَ مِنْهَا، وَطَلَبَتْ مِنَ الْخَلِيلِ أَنْ يُغَيِّبَ وَجْهَهَا عَنْهَا، فَذَهَبَ بِهَا وَبِوَلَدِهَا، فَسَارَ بِهِمَا حَتَّى وَضَعَهُمَا حَيْثُ مَكَّةَ الْيَوْمَ.

وَيُقَالُ إِنَّ وَلَدَهَا كَانَ إِذْ ذَاكَ رَضِيعًا.

فَلَمَّا تَرَكَهُمَا هُنَاكَ وَولى ظَهره عَنْهُمَا قَامَت إنيه هَاجَرُ وَتَعَلَّقَتْ بِثِيَابِهِ،

وَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَدَعُنَا هَاهُنَا وَلَيْسَ مَعَنَا مَا يَكْفِينَا؟ فَلَمْ يُجِبْهَا فَلَمَّا أَلَحَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُجِيبُهَا قَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ.

قَالَتْ فَإِذًا لَا يُضَيِّعُنَا! وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ رَحِمَهُ الله فِي كتاب النَّوَادِر: أَن سارة غضِبت (٣) على هَاجر فخلفت لَتَقْطَعَنَّ ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ مِنْهَا، فَأَمَرَهَا الْخَلِيلُ أَنْ تَثْقُبَ أُذُنَيْهَا، وَأَنْ تَخْفِضَهَا فَتَبَرَّ قَسَمُهَا.

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنِ اخْتَتَنَ مِنَ النِّسَاءِ، وَأول من ثقبت أدنها مِنْهُنَّ، وَأول من طولت ذيلها.


(١) لَيْسَ فِي ا (٢) ط: الحروب (٣) ا: تغضبت (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>