للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِي [كُلَّ (١) ] مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ، فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ وَالنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنَّ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا نَحَلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ، وأنحلت أمه لحسن أَثَرِهَا عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَتْ: لَآتِيَنَّ بِهِ فِرْعَوْنَ فَلَيَنْحِلَنَّهُ وَلَيُكْرِمَنَّهُ.

فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ الْغُوَاةُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ لِفِرْعَوْنَ: أَلَا تَرَى مَا وَعَدَ اللَّهُ

إِبْرَاهِيمَ نبيه؟ إِنَّه زعم أَنه يرثك وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعُكَ! فَأَرْسِلْ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ، وَذَلِكَ من الْفُتُون يَابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلَاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرِيدَ بِهِ (٢) .

فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَتْ مَا بدالك فِي هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي وَهَبَتْهُ لِي؟ فَقَالَ: أَلَا تَرَيْنَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي؟ فَقَالَتِ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا تَعْرِفُ فِيهِ الْحَقَّ، ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ بَطَشَ باللؤلؤتين واجتنب الْجَمْرَتَيْن عرفت أَن يَعْقِلُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْن وَهُوَ يعقل.

فَقرب إِلَيْهِ الْجَمْرَتَيْن واللؤلؤتين فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ، فَانْتَزَعَهُمَا مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَحْرِقَا يَدَهُ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ أَلَّا تَرَى؟ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [مَعَهُ (٣) ] بِظُلْمٍ وَلَا سُخْرَةٍ، حَتَّى امْتَنَعُوا


(١) لَيست فِي ا.
(٢) ا: أُرِيد بِهِ فُتُونًا.
(٣) لَيست فِي ا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>