للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمُجَرَّدَةُ بِأَنْ يُنَاوِلَهُ مُقْتَصِرًا عَلَى: هَذَا سَمَاعِي، فَلَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ، وَعَابُوا الْمُحَدِّثِينَ الْمُجَوِّزِينَ.

فَرْعٌ: جَوَّزَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَغَيْرُهُمَا، إِطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْمُنَاوَلَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهَا سَمَاعًا، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُهُ فِي الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ.

وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَأَهْلُ التَّحَرِّي الْمَنْعُ وَتَخْصِيصُهَا بِعِبَارَةٍ مُشْعِرَةٍ بِهَا: كَحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا إِجَازَةً أَوْ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً أَوْ إِذْنًا أَوْ فِي إِذْنِهِ أَوْ فِيمَا أَذِنَ لِي فِيهِ أَوْ فِيمَا أَطْلَقَ لِي رِوَايَتَهُ أَوْ أَجَازَنِي أَوْ لِي أَوْ نَاوَلَنِي أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ تَخْصِيصُهَا بِخَبَّرَنَا وَالْقِرَاءَةُ بِأَخْبَرَنَا. وَاصْطَلَحَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إِطْلَاقِ أَنْبَأَنَا فِي الْإِجَازَةِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ كِتَابِ " الْوِجَازَةِ ".

وَكَانَ الْبَيْهَقِيُّ يَقُولُ: أَنْبَأَنِي إِجَازَةً.

وَقَالَ الْحَاكِمُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي وَأَئِمَّةَ عَصْرِي أَنْ يَقُولَ فِيمَا عُرِضَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَأَجَازَهُ شِفَاهًا: أَنْبَأَنِي، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ كُتِبَ إِلَيَّ، وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ حَمْدَانَ: كُلُّ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لِي فُلَانٌ عَرْضًا وَمُنَاوَلَةً، وَعَبَّرَ قَوْمٌ عَنِ الْإِجَازَةِ بِأَخْبَرَنَا فُلَانٌ أَنَّ فُلَانًا حَدَّثَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ، وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَحَكَاهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَاسْتَعْمَلَ الْمُتَأَخِّرُونِ فِي الْإِجَازَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رِوَايَةِ مَنْ فَوْقَ الشَّيْخِ حَرْفَ عَنْ، فَيَقُولُ مَنْ سَمِعَ شَيْخًا بِإِجَازَتِهِ عَنْ شَيْخٍ: قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ.

ثُمَّ إِنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا لَا يَزُولُ بِإِبَاحَةِ الْمُجِيزِ ذَلِكَ.

ــ

[تدريب الراوي]

(وَ) لَكِنَّ (شُيُوخَ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرَوْنَ لَهَا مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً) عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُعَيَّنَةِ.

(وَمِنْهَا: أَنْ يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِكِتَابٍ وَيَقُولَ) لَهُ: (هَذَا رِوَايَتُكَ فَنَاوِلْنِيهِ وَأَجِزْ لِي رِوَايَتَهُ فَيُجِيبَهُ إِلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَيْهِ (مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِيهِ وَ) لَا (تَحَقُّقٍ لِرِوَايَتِهِ) لَهُ، (فَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنْ وَثِقَ بِخَبَرِ الطَّالِبِ وَمَعْرِفَتِهِ) وَهُوَ بِحَيْثُ يُعْتَمَدُ مِثْلُهُ (اعْتَمَدَهُ، وَصَحَّتِ الْإِجَازَةُ) وَالْمُنَاوَلَةُ (كَمَا يَعْتَمِدُ فِي الْقِرَاءَةِ) عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ إِذَا وَثِقَ بِدِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.

قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَالطَّالِبُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَبَرِ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ فَهَلْ يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ السَّابِقَيْنِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ لِزَوَالِ مَا كُنَّا نَخْشَاهُ مِنْ عَدَمِ ثِقَةِ الْمُجِيزِ. انْتَهَى.

(فَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ عَنِّي بِمَا فِيهِ إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيثِي مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ) ، وَالْوَهْمِ (كَانَ) ذَلِكَ (جَائِزًا حَسَنًا) .

[[الثاني المجردة]]

(الضَّرْبُ الثَّانِي) الْمُنَاوَلَةُ (الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الْإِجَازَةِ بِأَنْ يُنَاوِلَهُ) الْكِتَابَ كَمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>