للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّادِسُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْوِيَ بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ أَوْ مُصَحِّفٍ وَعَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَسْلَمُ بِهِ مِنَ اللَّحْنِ وَالتَّصْحِيفِ وَطَرِيقُهُ فِي السَّلَامَةِ مِنَ التَّصْحِيفِ الْأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ لَحْنٌ أَوْ تَحْرِيفٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ سَخْبَرَةَ: يَرْوِيهِ كَمَا سَمِعَهُ.

وَالصَّوَابُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ يَرْوِيهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَأَمَّا إِصْلَاحُهُ فِي الْكِتَابِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ تَقْرِيرُهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى حَالِهِ مَعَ التَّضْبِيبِ عَلَيْهِ وَبَيَانِ الصَّوَابِ فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ الْأَوْلَى عِنْدَ السَّمَاعِ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَى الصَّوَابِ، ثُمَّ يَقُولَ فِي رِوَايَتِنَا أَوْ عِنْدَ شَيْخِنَا أَوْ مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ كَذَا، وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَا فِي الْأَصْلِ ثُمَّ يَذْكُرَ الصَّوَابَ، وَأَحْسَنُ الْإِصْلَاحِ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ.

وَإِنْ كَانَ الْإِصْلَاحُ بِزَيَادَةِ سَاقِطٍ فَإِنْ لَمْ يُغَايِرْ مَعْنَى الْأَصْلِ فَهُوَ عَلَى مَا سَبَقَ وَإِنْ غَايَرَ تَأَكَّدَ الْحُكْمُ بِذِكْرِ الْأَصْلِ مَقْرُونًا بِالْبَيَانِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَسْقَطَهُ وَحْدَهُ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُلْحِقَهُ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ مَعَ كَلِمَةِ يَعْنِي، هَذَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ شَيْخَهُ رَوَاهُ عَلَى الْخَطَأِ، فَأَمَّا إِنْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ نَفْسِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ كِتَابِهِ لَا مِنْ شَيْخِهِ فَيَتَّجِهُ إِصْلَاحُهُ فِي كِتَابِهِ وَرِوَايَتِهِ. كَمَا إِذَا دَرَسَ مِنْ كِتَابِهِ بَعْضَ الْإِسْنَادِ أَوِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ إِذَا عَرَفَ صِحَّتَهُ وَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَنَ ذَلِكَ هُوَ السَّاقِطُ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ التَّحْقِيقِ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَبَيَانُهُ حَالَ الرِّوَايَةِ أَوْلَى: وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي اسْتِثْبَاتِ الْحَافِظِ مَا شَكَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ أَوْ حِفْظِهِ فَإِنْ وَجَدَ فِي كِتَابِهِ كَلِمَةً غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ أُشْكِلَتْ عَلَيْهِ جَازَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا الْعُلَمَاءَ بِهَا وَيَرْوِيَهَا عَلَى مَا يُخْبِرُونَهُ.

ــ

[تدريب الراوي]

دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَجُوزُ حَذْفُ زِيَادَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، وَكَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُهُ كَثِيرًا تَوَرُّعًا، بَلْ كَانَ يَقْطَعُ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ إِذَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ.

قَالَ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ لَا تَعَلُّقَ لِلْمَذْكُورِ بِهَا، فَإِنْ تَعَلَّقَ ذَكَرَهَا مَعَ الشَّكِّ، كَحَدِيثِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ.

فَائِدَةٌ:

يَجُوزُ فِي كِتَابَةِ الْأَطْرَافِ الِاكْتِفَاءُ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَفِدْ.

[السِّادِسُ يَنْبَغِي للشيخ أَنْ لَا يَرْوِيَ بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ أَوْ مُصَحِّفٍ]

(السَّادِسُ: يَنْبَغِي) لِلشَّيْخِ (أَنْ لَا يَرْوِيَ) حَدِيثَهُ (بِقِرَاءَةِ لَحَّانٍ، أَوْ مُصَحِّفٍ) ، فَقَدْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُلْحِنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ.

وَشَكَا سِيبَوَيْهِ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ إِلَى الْخَلِيلِ فَقَالَ لَهُ: سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي رَجُلٍ رَعُفَ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: أَخْطَأْتَ إِنَّمَا هُوَ رَعَفَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>