للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن أبي العز الحنفي: "فمن أدلة الأصحاب لأبي حنيفة رحمة الله: أن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق، قال تعالى مخبراً عن إخوة يوسف: {وما أنت بمؤمن لنا} (١) أي بمصدق لنا، ومنهم من أدعى إجماع أهل اللغة على ذلك، ثم هذا المعنى اللغوي- وهو التصديق بالقلب-هو الواجب على العبد حقاً لله، وهو أن يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله، فمن صدق الرسول فيما جاء به من عند الله فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى. والإقرار شرط إجراء أحكام الإسلام في الدنيا، هذا على أحد القولين كما تقدم.

ولأنه ضد الكفر وهو التكذيب والجحود، وهما يكونان بالقلب فكذا ما يضادهما، وقوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} (٢) يدل على أن القلب هو موضع الإيمان لا اللسان، ولأنه لو كان مركب من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه، ولأن العمل قد عطف على الإيمان والعطف يقتضي المغايرة، قال الله تعالى: {آمنوا وعملوا الصالحات} (٣) ، وغيرها في مواضع من القرآن" (٤) .

الرد على أدلة المرجئة:

والواقع أن تلك النصوص التي تقدمت في استدلال المرجئة على إخراج العمل عن حقيقة الإيمان لا يسلم لهم فهمهم لها من أنها على إخراج الأعمال الظاهرة عن أعمال القلب، فإن إيمان القلب وإن كان الأساس وعليه الاعتماد الأول ولكن لا ينفي هذا أثر إيمان القلب يظهر على الجوارح


(١) سورة يوسف: ١٧
(٢) سورة النحل: ١٠٦
(٣) سورة البقرة: ٢٥.
(٤) شرح الطحاوية ص ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>